recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة | حديث القرأن والسنة عن الزراعة | لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 


حديث القرأن والسنة عن الزراعة

لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين أما بعد فياجماعة الإسلام يقول الله تعالي :"أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ"(الواقعة/64).

عباد الله:" حديثنا إليكم اليوم  عن الزراعة وعن قيمة الزراعة وقد ورد في القرآن من التنويه بالزراعة في أيات كثيرة منها قوله تعالي:" ‌وَالْأَرْضَ ‌فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ"(الذاريات/ 48).  أي بسطناها ومهدناها بين أيديكم ليسهل عليكم العمل فيها والانتفاع بثمراتها وخيراتها. و يقول تعالي :"‌وَفَجَّرْنَا ‌فِيهَا ‌مِنَ ‌الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ "(يس /٣٤-٣٥) أي أن الله تعالى إنما أجرى العيون والينابيع في الأرض لتسقي بها الأراضي الزراعية، ثم تجني من ثمراتها وتنتفع بغلاتها..

ويقول صلى الله عليه وسلم :"لايزرع مسلم زرعاً غرساًفياكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"(البخاري ومسلم). وهذا فضل كبير للغارسين والفلاحين، فهم يجنون أولا مختلف أنواع الإنتاج الفلاحي، وثانياً يكون لهم الجزاء ألأوفى في الأخرة،

عباد الله :" ولما كان الله عزوجل هو الزارع وهو الذي بيده القدرة علي انبات النبات وتنمينه حتي يصير ناضجاً  أنكر علي أولئك الذين يدعون الفضل لأنفسهم في الزراعة يقول الله تعالي :"أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ"(الواقعة/64).

أي: أأنتم أخرجتموه نباتاً من الأرض؟ أم أنتم الذين نميتموه؟ أم أنتم الذين أخرجتم سنبله وثمره حتى صار حباً حصيداً وثمراً نضيجاً؟ أم الله الذي انفرد بذلك وحده، وأنعم به عليكم؟ وأنتم غاية ما تفعلون أن تحرثوا الأرض وتشقوها وتلقوا فيها البذر، ثم بعد ذلك لا علم عندكم بما يكون بعد ذلك، ولا قدرة لكم على أكثر من ذلك ومع ذلك، فنبههم على أن ذلك الحرث معرض للأخطار لولا حفظ الله وإبقاؤه لكم ..

"أأنتم تزرعونه"، تنبتونه، "أم نحن الزارعون"، المنبتون.

عباد الله :"يسأل المولي عزوجل هؤلاء الذين ادعوا الزراعة ونسبوها لهم قائلاً:" أخبرونى عن البذور التى تلقون بها فى الأرض بعد حرثها ، أأنتم الذين تنبتونها وتصيرونها زرعاً بهيجاً نضراً أم نحن الذين نفعل ذلك؟ لا شك أنا نحن الذين نصير هذه البذور زروعاً ونباتاً يانعاً .

لذلك عباد الله" هل يجوز أن نقول عن الفلاح الزارع؟

اختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم " أأنتم تزرعونه " أي : تنبتونه في الأرض" أم نحن الزارعون "أي : بل نحن الذين نقره قراره وننبته في الأرض .قال ابن جرير  حدثنا.. عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :" لا تقولن : زرعت ، ولكن قل : حرثت " قال أبو هريرة : ألم تسمع إلى قوله :" أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون"( البزار)

وعن عطاء ، عن أبي عبد الرحمن : لا تقولوا : "زرعنا" ولكن قولوا : حرثنا .

وروي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ :" أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون"وأمثالها يقول : بل أنت يا رب .(تفسير القرطبي ).

وقال بعضهم يجوز أن يقال عنهم زارع..لقوله تعالي:" كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ"(الفتح /29). وقد يقال : فلان زراع كما يقال حراث ، أي : يفعل ما يئول إلى أن يكون زرعا يعجب الزراع .عباد الله" والمستحب لكل من يلقي البذر في الأرض أن يقرأ بعد الاستعاذة : أفرأيتم ما تحرثون الآية ، ثم يقول : بل الله الزارع والمنبت والمبلغ ، اللهم صل على محمد ، وارزقنا ثمره ، وجنبنا ضرره ، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ، ولآلائك من الذاكرين ، وبارك لنا فيه يا رب العالمين .

ويقال : إن هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات : الدود والجراد وغير ذلك ، سمعناه من ثقة وجرب فوجد كذلك .

وقد بالغ بعض العلماء فقال :"لا يقل حرثت فأصبت، بل يقل:"أعانني الله فحرثت،وأعطاني بفضله ما أصبت

نعم أخوة الإيمان والإسلام :" والزراعة تقوي عقيدة المسلم فهي تعلمه التوكل علي الله حق توكله  لأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، لَقِيَ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ. قَالَ: بَلْ أَنْتُمُ الْمُتَّكِلُونَ، إِنَّمَا "الْمُتَوَكِّلُ الَّذِي يُلْقِي حَبَّهُ فِي الْأَرْضِ، وَيَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ"(المجالسة/448).

عباد الله:"  نجد القرأن الكريم يؤكد علي شكر هذه النعمة بإخراج الزكاة من الزراعة ,قال تعالى :"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌أَنْفِقُوا ‌مِنْ ‌طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ "(البقرة/ 267).

وها نحن في موسم الحصاد وهو موسم أداء الحقوق كما أمر المولي عزوجل فقال" كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ"(الأنعام/141). ويقول صلي اله عليه وسلم:" داووا مرضاكم بالصدقةِ ، وحصِّنوا أموالكم بالزكاةِ ، وأَعِدُّوا للبلاءِ الدعاءَ"(البيهقي والطبراني).

فيا أخي إذا أردت أن يبارك الله لك في محصولك وأرضك وزرعك فأخرج حق الله   أخرج حق الفقراء والمساكين وأدّ زكاة مالك ومحصولك فالزكاة معناها النماء والبركة ..

إذا أردت ان يرحمك الله تعالي أخرج الزكاة قال سبحانه " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ"(التوبة/71).

إذا أردت أن تكون من أصحاب الجنة الأبرار فكن من هؤلاء الذين وصفهم الله تعالي ومدحهم بأفعالهم الطيبة "وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُوم لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ."(المعارج/24).إذا أردت الفلاح في الدنيا والآخرة فأد الزكاة " قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ"(الأعلي/14).

وعلي النقيض : إذا أردت أن يبتليك الله عز وجل بالفقر والحاجة والقحط والمجاعة فامتنع عن أداء الزكاةيقول صلي الله عليه وسلم :"وما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين "(الطبراني والحاكم والبيهقي).

وإذا أردت  أن تستبدل وتهلك بسبب بخلك وشحك " وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ. "(محمد/38).ويقول صلي الله عليه وسلم :" ثلاثٌ مُهلِكاتٌ شُحٌّ مُطاعٌ ، وهَوًى مُتَّبَعٌ ، وإِعجابُ المرْءِ بنفْسِهِ "(ابن عبد البر ف- جامع بيان العلم وفضله).

ياعبد الله :"وإذا أردت العذاب الشديد يوم القيامة فامتنع عن أداء الزكاة لأن أشد عذاب في الأخرة هو عذاب المال:" يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ"(التوبة/35).ويقول  صلي الله عليه وسلم " مَن آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له مَالُهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أقْرَعَ له زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يقولُ أنَا مَالُكَ أنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا:"لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ" الآيَةَ."(البخاري).

عباد الله أقول قولي هذا، وأستغفر الله لى ولكم ..

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين أما بعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول الزراعة في القرآن والسنة وحتي نخرج زكاة زروعنا فلايظنن أحد أن المال ماله وملكه بل يعلم الجميع أنه خليفة علي هذا المال قال تعالي :"آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ"(الحديد/7).

وليعلم المرء جيداً أنه ليس له من ماله إلا كما أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم:"يَقُولُ ابنُ آدَم: مَالي! مَالي! وَهَل لَكَ يَا ابْنَ آدمَ مِنْ مالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟" (مسلم) .

عباد الله " الرسول بين لنا أن الإنسان سيسأل عن عمره وشبابه وصحته سؤالاً واحداً ولكنه يسأل عن ماله سؤالاًمركباًيقول صلى الله عليه وسلم "لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ،وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ" (الترمذي).يقول محمدبن كعب القرظي إذامات ابن آدم يصاب بمصيبتبن لايصاب بهما أحد سواه المصيبة الأولى يترك ماله كله والمصيبة الثانية يحاسب عن ماله كله"اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.عبادالله:"أقول قولي هذا وأقم الصلاة..

google-playkhamsatmostaqltradent