علاج الشذوذ الجنسي "اللواط"
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فقد تناول القرآن الكريم فعلة قوم لوط وهو مايسمونه اليوم بالشذوذ الجنسي أو المثلية في ثلاثة عشر موضعاً وفي إحدي عشر سورة من سوره..
مندداً بهذه الفعلة الشنيعة التي هي قلب لنواميس الكون :"وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَآءِ
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَوَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ
يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًافَانْظُرْ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ"(الأعراف/80ـ84).
عباد الله :" لايخفي علي أحد مخاطر تلك الفواحش ، وما تسببه من أضرار على الفرد
والمجتمع ، وما قد تدفع به صاحبها إلى الخاتمة السيئة والعياذ بالله ، ولكن هل من
سبيل للعلاج والوقاية من هذه الفعلة الشنيعة القبيحة؟
وسائل العلاج؟
أولاً:" تذكر ياعبد الله أن الله معك و يراك في كل وقت وحين فلاتعصه :"وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ
مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(الحديد/4).
ثانياً :" تذكر الحساب :والحساب العسير لهذه الفعلة الشنيعة ، فاعمل في دنياك ليخفف
عنك.. أيها المبتلي:" ما هو موقفك حينما يناديك الله بين الخلائق أجمعين وأنت فاعلٌ
للواط، ثم يفضحك بين الخلق أجمعين . بل ما هو موقفك حينما يرسل الله عليك ملك
الموت وأنت فاعل للواط .- لماذا أصبح بعض الشباب صحبتهم من أجل الغرام واللواط ؟
لماذا أصبح سخيف العقل، عديمُ الهمة والحياء من الله ؟
ثالثاً:" تذكر هذه الشهادات وأنك لن تترك سدي:
الشهادة الأولى: شهادة الله عليك ، فالله مطلع عليك يراك حين تقوم ، وتقلبك على فراشك
، يرى النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء.. الشهادة الثانية : شهادة
الملائكة الكرام:اللذين على كتفيك يقول الله تعالى:"مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"
( ق/18 ) .
الشهادة الثالثة : شهادة جوارحك عليك : يوم أن تطلب شهيداً عليك من نفسك فتتلكم
أعضاؤك شاهدة ناطقة بأفعالك وأقوالك، يقول الله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ
وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"( يس/65) .
الشهادة الرابعة:شهادة الأرض عليك : فالبقعة التي كنت تمارس عليها فعل الفواحش
والحرام ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قرأرسول
الله صلى الله عليه وسلم :"يومئذ تحدث أخبارها"(الزلزلة/4) فقال : أتدرون ما أخبارها
؟ أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، أن تقول : عمل كذا وكذا في يوم
كذا وكذا ، فهو أخبارها"(الترمذي )
الشهادة الخامسة : شهادة الناس عليك : لقد كنت غافلاً عن شهادة عظيمة ، وهي شهادة
الناس الذين كانوا حولك ويعرفونك،من الأقارب والجيران والخلان ، فهؤلاء يوم القيامة
سيشهدون عليك بما كانوا يشاهدون من قبح أفعالك وسيئ صنيعك ، ألم تسمع حديث
النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان جالساً مع بعض أصحابه،فمرت جنازة فأثنوا على
صاحبها خيراً فقال:وجبت،ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا على صاحبها شراً،فقال :
وجبت،فسأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ما وجبت ؟
قال صلى الله عليه وسلم : الجنازة الأولى أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة،والثانية
أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار،أنتم شهداء الله في الأرض"(صحيح).
أتحسب أن الله غافلاًعنك وعن تصرفاتك ولكن الله تعالى بحكمته ورحمته يمهل ولا يهمل ،
لكنه عز وجل إذا أخذ المذنب أخذه أخذ عزيز مقتدر.
رابعاً:" دورالوالدين:فالوالدان هما صماما الأمان في المنزل،وعليهما تقوم المجتمعات
بإذن الله تعالى إذا أحسنا التربية والتعليم وأمرا أبناءهما بالمعروف ونهوهم عن
المنكر،وبين لهم طرق الخير ورغبوهم فيها ، وبينوا لهم طرق الشر ورهبوهم
منها،وحذروهم من الفواحش الظاهرة والباطنة ، ونشئوهم التنشئة الصالحة على حب
الله تعالى وحب نبيه صلى الله عليه وسلم وحب الصالحين والعلماء،
وحذروهم من عذاب الله تعالى وسخطه ، ومن أصدقاء السوء وأهل الشر والفساد ،
وليحذر الآباء والأمهات كل الحذر من إدخال أجهزة الدمار الشامل ، منالدشوش،
وأجهزة الفيديو،والإنترنت والمجلات الخليعة التي تدعوا إلى الجريمة والدعارة .
حامساً:" دورالخطباء والوعاظ:
جدير بالخطباء والوعاظ أن يحرصوا كل الحرص على أن يتطرقوا في خطبهم ومواعظهم
لمثل هذه الجريمة النكراء لما تسببه من مرض وهلاك للفرد والمجتمع ، وأخص بذلك
الخطباء لأن الخطبة يحضرها كل بر وفاجر ، أما المحاضرات والدروس فلا يحضرها إلا
طلبة العلم وقليل من العوام ، فالتركيز كل التركيز على الخطباء،فهم الذين يعنون بمشاكل
المجتمعات دراسة وحلولاً ، فلا بد أن نأخذ على أيديهم ونؤازرهم في هذا الأمر ونوجه
لهم النصائح والتوجيهات التي قد يغفل عنها الكثير منهم .
سادساً:" دور التعليم :ينبغي أن يعني التعليم عناية فائقة بالنشء فهم عماد هذا الدين
بإذن الله تعالى،وهم اللبنة التي نغرسها لنجني ثمارها في المستقبل القريب إن شاء الله
تعالى،فالمناهج التعليمية لدى الجنسين لابد أن تتطرق إلى خطورة الفاحشة والعقوبة
المترتبة عليها .
سابعاً:" تيسيرالزواج:من الأسباب الوقائية للقضاء على مثل هذه الفاحشةحتى يستطيع
كل منهم قضاء وطره فيما أحل الله له.
ثامناً:" الصيام لقد جاء الهدي النبوي الصحيح بسد كل الذرائع والوسائل المفضية إلى
الحرام ، وكل ذلك حرصاً منه صلى الله عليه وسلم في إنقاذ أمته من عذاب الله
تعالى..وذلك بسد تلك الطرق بأمريكسب به صاحبه الأجورالثلاثة:أجر ترك الحرام لله
تعالى، وأجرامتثال أمرالنبي صلى الله عليه وسلم، وأجر فعل الصوم الذي يقربه إلى ربه
ويضيق مجاري الشيطان،فقد قال صلى الله عليه وسلم:"يامعشرالشباب من استطاع
منكم الباءةفليتزوج،فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه
له وجاء"(متفق عليه).
تاسعاً:"الحذر من الخلوة :وإن مما يجلب وسوسة الشيطان وشروره بقاء الإنسان
وحيداً،ففي الوحدة شر كبير،وخطر مستطير،لما قد يلقيه في روع العبد عندما وحيداً ،
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوحدة فقال:"لو يعلم الناس ما في الوحدة ما
أعلم ما سار راكب بليل وحده"(البخاري).وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم:"نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أويسافر وحده "(أحمد).
فالوحدة مدعاة لوسوسة الشيطان ..
عاشراً:" دور وسائل الإعلام
وهناك دور مهم يجب أن يقتنصه أهل العلم وهو دور وسائل الإعلام المسموعة
والمقروءة والمرئية ، فهذه الوسائل إن لم تكن وسائل خير وإصلاح ، كانت وسائل ش
ر وإفساد ، فيجب على من تولى أمر هذه الوسائل أن يتقي الله تعالى فيما أمنه إياه من
أداء الأمانة على الوجه الذي يرضي ربه عنه يوم يلقاه ، وعلى أن يرعى أمانة شباب
المسلمين وألا يخون هذه الأمانة ، وعليه أن يستشير أهل العلم فيما سيعرضه للناس
عبر الشاشات ، فلا يعرض فيها إلا كل نافع ودال على الخير وكل ما يدع إلى الله تعالى
حتى يكون المسلم على بصيرة من أمور دينه . وبذلك نقضي على كثير من الفواحش
والمنكرات التي تعج بها بلاد المسلمين .
ختامًا: انتبه من وسواس الشيطان وصحبه في حثِّك على ترْك الصلاة أو الصيام أو حفْظ
القرآن بسبب هذا الفعل الشنيع، فما يقولونه ليس صحيحًا بأي حال، بل إن الالتزام
بالطاعات يمنحنا الأمل نحو العودة، وهو الأمر الأكثر أهمية لكي نواصل المحاولة
وتحقيق النجاح في سبيل التغلب على مثل هذه المشكلات.
أيها المبتلي تُب إلي الله:"وقد يقول من ابتلاه الله بهذا البلاء:" كيف أتوب وكيف أقلع
وأندم؟وكل صديقٌ يهددني، ويعرف عني القبائح والرذائل، والكل يضايقني من كل حدبٍ
وجهة؟.
والجواب هو:" مهما هددّت من أصدقائك من كلامٍ وصور، ومهما بلغت شهرتك، ومهما
بلغت فضائحك عنان السماء فأنت رجل ، والرجل قوي العزيمة والإرادة ، وباب التوبة
مفتوحاً، والآيات والأحاديث تدل على أن الله غفورٌ رحيم فإذا تبت سوف تبدّل سيئاتك إلى
حسنات،ويحبك الله ويرضى عنك بعد أن غضب عليك، وتبدّل أوصافك بالمحاسن
والأوصاف الحميدة بدلاً من الأوصاف السيئة ،
وسوف يعرف الناس توبتك بعدما علموا شهرتك. وفي الأثر:"إذا تاب العبد أنسى الله
الحفظة ذنوبه و أنسى ذلك جوارحه و معالمه من الأرض حتى يلقى الله و ليس عليه
شاهد من الله بذنب"(السيوطي). فبادر عبد الله بالتوبة الآن قبل أن يدركك الموت .
اللهم تب علينا لنتوب اللهم طهر قلوبنا وحصن فروجنايارب العالمين ..