مَنْ أَصَابَ مَالًا مِنْ مهَاوِشَ أَذَهَبَهُ اللهُ فِي نَهَابِرَ
يقول الله تعالي:" وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا"( هود الآية: 6 )
عباد الله :" هذا الرزق المضمون لا ينال إلا بسعي وعمل، ومشي في مناكب الأرض، وابتغاء فضل الله فيها: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"( الملك/15)
قمم البشر الأنبياء كانوا يأكلون الطعام، لأنهم بشر، لأنهم مفتقرون في وجودهم إلى تناول الطعام، لكنهم يمشون في الأسواق، ومفتقرون إلى ثمن الطعام، وثمن الطعام يحصل بالسعي والكسب المشروع.:" وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ"(الفرقان: 20 )
فقراء الكسل
ولكن هناك إشكالية تقفز إلى الذهن، أليس هناك مجاعات ؟
الحقيقة المكملة لهذه الآية:"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"( الملك/15)
لذلك لا ينال رزق الله جل جلاله، أو لا ينال الرزق الذي ضمنه الله عز وجل إلا بسعي وعمل، قال تعالى:" وَقُلِ اعْمَلُوا "(التوبة/ 105).
لذلك أوسع شريحة من الفقراء فقراء الكسل، لكن قد يبتلى الإنسان بعاهة تمنعه أن يكسب رزقه، هذا الفقر الذي قدِّر على الإنسان صاحبه معذور، وهو فقر القدَر، و إنسان كسيدنا الصديق أنفق كل ماله ولم يبق لنفسه شيئاً، هذا سماه العلماء فقر الإنفاق، الأول صاحبه معذور والثاني صاحبه مشكور، أما الفقر الذي صاحبه مذموم فهو فقر الكسل، فقر عدم الإتقان، فقر التأجيل، فقر الخلود إلى الراحة، فقر كراهية العمل، هذه أشياء تسبّب الفقر.
أيها الإخوة، في المشي في السوق يمتحن الإنسان، يصدق أو يكذب، يتقن أو يهمل، ينصح أو يغش، علة وجودنا في الدنيا الامتحان، والله عز وجل خلق فينا حاجة إلى الطعام والشراب، وحاجة إلى الزواج، ومن أجل هاتين الحاجتين الأساسيتين نتحرك، وفي أثناء التحرك نمتحن.
أيها الإخوة الكرام، يقول بعض العلماء: " علينا أن نجتهد في طلب الحلال لنأكل منه، ونلبس منه، وننفق على عيالنا وإخواننا منه، فإنه موجود ما دام المكلفون في الدنيا ".
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ"( الروم/40)
في الماضي، الرزق منتهٍ، وإذا قنن الله عز وجل فتقنينه تقنين تأديب لا تقنين عجز: "وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ"( الحجر )
أحياناً غلّة القمح في بلدنا الطيب تزيد على ستة ملايين طن، وحاجتنا إلى مليون طن، ستة أضعاف، وأحياناً لا تزيد غلة القمح عندنا على ستمئة ألف طن، من ستة ملايين إلى ستمئة ألف طن، بحسب الأمطار، فالتقنين الإلهي تقنين تأديب لا تقنين عجز.
أيها الإخوة، يقول بعض العلماء: " إذا صدق الإنسان في طلب الحلال استخرجه الله من بين الحرام والشبهات ". " مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ "(النحل/66)
كسبُ الحلال صعبٌ، وكسبُ الحرام سهلٌ:
لكن لحكمة بالغة جعل كسب الحلال صعباً، وجعل كسب الحرام سهلاً، لأنه لو كان كسب الحلال سهلاً لأقبل الناس على الحلال لا خوفاً من الله، ولا طمعاً في الجنة، ولكن لأنه سهل، لكن الحلال يحتاج إلى جهد، بينما الحرام يكفي أن تغض بصرك عن مستودع لتأخذ الملايين مملينة.
أيها الإخوة، يقول عليه الصلاة والسلام في هذا المعنى:"من بات كالاً من عمله، تعبان، بات مغفوراً له"( الجامع الصغير عن أنس بسند ضعيف ).
لأن كسب الحلال أصل في الورع.
كيف أن الأرض تعج بالدخل الحرام وبالمصادر الحرام، فأيّ عبد صدق في أن يكون رزقه حلالاً يسوقه الله عز وجل إلى الحلال.
لكن لحكمة بالغة جعل كسب الحلال صعباً، وجعل كسب الحرام سهلاً، لأنه لو كان كسب الحلال سهلاً لأقبل الناس على الحلال لا خوفاً من الله، ولا طمعاً في الجنة، ولكن لأنه سهل، لكن الحلال يحتاج إلى جهد، بينما الحرام يكفي أن تغض بصرك عن مستودع لتأخذ الملايين مملينة.
أيها الإخوة، يقول عليه الصلاة والسلام في هذا المعنى:"من بات كالاً من عمله، تعبان، بات مغفوراً له"( الجامع الصغير عن أنس بسند ضعيف ).
لأن كسب الحلال أصل في الورع.
كيف أن الأرض تعج بالدخل الحرام وبالمصادر الحرام، فأيّ عبد صدق في أن يكون رزقه حلالاً يسوقه الله عز وجل إلى الحلال.
مَن أصاب مالاً مِن مَهاوشَ أذْهَبَه اللَّه في نَهابِرَ
ورد في بعض الأحاديث أنه:" من أصاب مالاً في نهاوش من حرام أذهبه الله في نهابر"(الجامع الصغير عن أبي سلمة الحمصي بسند فيه ضعف ووالحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار عن أبي سلمة الحمصي وتعقبه المناوي بأن أبا سلمة هذا تابعى مجهول، قاله في " التقريب " كأصله، وبأن عمرا متروك
وسبب ضعف الحديث:
ضعف أحد رواته: عمرو بن الحصين، الذي يُعتبر ضعيفًا جدًا بل كذابًا.انقطاع السند: الحديث معضل، حيث سقط منه الصحابي والتابعي، فالسند غير متصل.
مجهولية راوٍ آخر: أبو سلمة الحمصي الذي يروي الحديث، ليس صحابيًا، وبعض العلماء وصفوه بالمجهول، مما يزيد من ضعف الحديث.).
فإما أن يصادَر، أو أن يحترق، أو أن يسرق،" من أصاب مالاً في نهاوش من حرام أذهبه الله في نهابر"
فإما أن يصادَر، أو أن يحترق، أو أن يسرق،" من أصاب مالاً في نهاوش من حرام أذهبه الله في نهابر"
"من أصاب مالا من نهاوش"روي بالنون من نهش الحية، وبالميم من الاختلاط، وبالتاء وبالياء وكسر الواو، جمع نهواش أو مهواش من الهوش: الجمع، وهو كل مال أصيب من غير حله، والهواش بالضم: ما جمع من مال حرام "أذهبه الله في نهابر" بنون أوله أي مهالك وأمور مبددة، جمع نهبر، وأصل النهابر مواضع الرمل إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص. والمراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب أذهبه الله في غير حله
المعنى المقصود من الحديث:نهاوش: المال المكتسب من طرق غير مشروعة، كالسرقة والغصب والخيانة.
نهابر: المهالك، أي أن هذا المال سيُذهب في وجوه الفساد والضياع.
المعنى العام: إن المال المكتسب بالحرام لا بركة فيه، وسينتهي به الحال إلى الخسار
نهاوش: بالنون من نهش الجثة جمع نهو اش أو هو اش من الهو ش الجمع وهو كل مال أصيب من غير حله و" الهو اش " ما جمع من مال حرام.
نهابر: بنون أوله أي مهالك وأمور مبددة جمع نهبر وأصل النهابر مواضع الرمل إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص والمراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب أذهبه الله في غير حله كذا في " فيض القدير ".
وورد :"من جمع مالا من مأثم فوصل به رحما وتصدق به او جاهد في سبيل الله جمع جميعه فقذف به في جهنم" .
{ هوش } : { هوش } في حديث الإسْرَاء [فإذا بَشَرٌ كَثِيرٌ يَتَهَاوَشُون] الهَوْشُ : الاخْتِلاط : أن يَدْخُل بَعْضُهُمْ في بَعْض ومنه حديث ابن مسعود [إيَّاكُم وهَوْشَاتِ الأسْواق] ويُرْوَى بالْيَاء . أي فِتنَها وَهَيْجَها ومنه حديث قيس بن عاصم [كُنْتُ أُهاوِشُهُم في الجَاهِليَّة] أي أُخَالِطُهُم على وَجْهِ الإفْسَاد وفي [مَن أصاب مالاً مِن مَهاوشَ أذْهَبَه اللَّه في نَهابِرَ] هُو كُلُّ (هذا شرح أبي عبيد كما ذكر الهروي ) مَالٍ أُصِيبَ مِن غَير حِلِّهِ ولا يُدْرَى ما وَجْهُه . والهُواشُ بالضَّمِّ : ما جُمِع من مَالٍ حَرَامٍ وَحَلالٍ كأنه جَمْعُ مَهْوَش من الهَوْش : الجَمْعِ والخَلْطِ والمِيمُ زائدةٌ ويُرْوَى [نَهَاوِش] بالنُّون . وقد تقدّم . يُرْوَى بالتَّاء وكسر الواو جَمْعُ تَهْوَاشٍ وهُو بِمَعْناه .