recent
أخبار عاجلة

هل يعد الموت يَوْمَ الْجُمُعَةِ وليلتَها من علامات حسن الخاتمة؟

 هل يعد الموت يَوْمَ الْجُمُعَةِ وليلتَها من علامات حسن الخاتمة؟


الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

حُسن الخاتمة يراد به توفيقُ الله سبحانه وتعالى لعبده أن يعمل خيرًا في حياته، وأن ييسر له ويوفقه للدوام على العمل الصالح قبل موته حتى يقبضه عليه، حيث لا يبقى للإنسان بعد وفاته إلا إحسانٌ قَدَّمَه في حياته يرجو ثوابه، أو عصيانٌ اجتَرَحَهُ يخشى عقابه.

عن  عبدالله بن عمرو قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" ما مِنْ مُسلِمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ - ؛ أو ليلةَ الجمعةِ - ؛ إلا وَقَاه اللهُ فِتْنَةَ القبرِ"( الترمذي،وأحمد)

فضَّل اللهُ سُبحانَه وتعالَى بعضَ الأيَّامِ على بعضٍ، وخصَّها بفضائلَ دونَ غيرِها، ومِن ذلك يومُ الجُمُعةِ.وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الفضْلَ الذي يثبُتُ للمُسلمِ الذي يموتُ صَباحَ يومَ الجُمُعةِ أو ليلتَه، وذلك أنَّ اللهَ تعالَى يَقيهِ "فِتنةَ القَبرِ"، أي: يحَفِظُه ويحَجُبُ عنه سُؤالَ الملَكينِ، أو أنواعَ الفِتَنِ التي تكونُ بَعدَ الإقبارِ، مِن ضَغطةِ القَبرِ وظُلمَتِه وعَذابِه، وليس سُؤالَ المَلَكَيْنِ فقط. وقيلَ: فِتنَتُه هي التَّحيُّرُ في إجابةِ أسئِلةِ المَلَكَينِ.والأصلُ في سُؤالِ المَلَكَينِ أنَّه لتَمييزِ المُسلِمِ مِنَ المُنافِقِ؛ فمَن ثَبَتَ إيمانُه كان مِن نَعيمِه أنْ يَقيَه اللهُ سُؤالَهما، وإنَّما يَقَعُ لِلكافِرِ مع ثُبوتِ كُفرِه؛ لِأنَّ هذا مِن جُملةِ العَذابِ الذي تَوَعَّدَ اللهُ به الكافِرَ في قَبرِه، وقد كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أُمَّتَه الاستِعاذةَ مِن فِتنةِ القَبرِ وعَذابِه. وهذه الأحاديثِ لا تُعارِضُ أحاديثَ السُّؤالِ التي تَشمَلُ جَميعَ الأمواتِ المُكَلَّفينَ، مُسلِمَهم وكافِرَهم، بل تَخُصُّها وتُبَيِّنُ مَن لا يُسألُ في قَبرِه ولا يُفتَنُ فيه، مِمَّن يَجري عليه السُّؤالُ ويُقاسي تلك الأهوالَ، وهذا كُلُّه ليس فيه مَدخَلٌ للقِياسِ، ولا مَجَالَ لِلنَّظَرِ فيه، وإنَّما فيه التَّسليمُ والانقِيادُ لِقَولِ الصَّادِقِ المَصدوقِ.

وقد ورد عن العلماء أن الموت يوم الجمعة وليلتها من علامات حسن الخاتمة، واعتبروا ذلك دلالةً على سعادة المتوفى وحُسن مآبه؛ لأن الله تعالى يَقِيهِ فتنة القبر وعذابَه بموته يوم الجمعة أو ليلتها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ"أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"، والطبراني في "الأوسط" و"الكبير".

وسبب ذلك أنَّ مَن مات يوم الجمعة أو ليلتها فقد انكشف له الغطاء؛ لأنَّ يومها لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها، ولا يعمل سلطان النار ما يعمل في سائر الأيام، فإذا قُبِضَ فيه عبدٌ كان دليلًا لسعادته وحسن مآبه؛ لأن يَوْمَ الْجُمُعَةِ هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، فيميز الله بين أحبابه وأعدائه، ويومهم الذي يدعوهم إلى زيارته في دار عدن، وما قبض مؤمن في هذا اليوم الذي أفيض فيه من عظائم الرحمة ما لا يحصى إلا لكتبه له السعادة والسيادة؛ فلذلك يقيه فتنة القبر، كما قال الإمام المُنَاوِي في "فيض القدير" (5/ 499، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

وبالإضافة إلى البشارة السابقة الواردة في الحديث مِن نجاة مَن اختار اللهُ له الموتَ في يوم الجمعة أو ليلتها مِن فتنة القبر وعذابه، فقد ورد الحديث برواية أخرى فيها زيادة تدل على أن مَن مات يَوْمَ الْجُمُعَةِ أو ليلتها يكتب له أجر شهيدٍ، فيكون مِن السعداء الذين اختصهم الله سبحانه وتعالى ليكرمه بالموت في ذلك اليوم أو ليلته.

فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أُجِيرَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَجَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ» أخرجه الحافظ أبو نعيم في "حلية الأولياء".

قال العلامة الملا علي القاري    : "ومِن تتمة ذلك: أن مَن مات يَوْمَ الْجُمُعَةِ له أجر شهيد، فكان على قاعدة الشهداء في عدم السؤال.. وهذا الحديث لطيفٌ صرح فيه بنَفْي الفتنة والعذاب معًا" اهـ. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال."مرقاة المفاتيح" (1/ 1021، ط. دار الفكر)

google-playkhamsatmostaqltradent