recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة القادمة لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.. الشيخ عبدالناصربليح

 

 لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ..

 

الرِّفقَ لا يَكونُ في شَيءٍ  إلَّا زانَه

  أهمية الوسطية والاعتدال في حياة الأمة

 "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا

 إياكم والغلو فهو طريق الهلاك

البيان والتوضيح

 ️ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ

 

أيها الأحبة الكرام :

النظر في العواقب والتأمل في مآلات الأمور من صفات العقلاء، والعقل نعمة عظيمة أنعم الله بها على من يشاء من عباده، وإذا تم عقل المرء مع صحة إسلامه، رُزق الرشد، ووُفق للصواب ومزالق الهوى، والفتنة كثيرة متعددة، وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان؛ إما إلى تفريط وتساهل وإما إلى مجاوزة وإفراط.

ولا يبالي الشيطان بأيهما ظفر من العبد، ومصيبة الأمة من هذين الصنفين، وإذا عجز الشيطان عن إغواء الإنسان من باب التفريط والتساهل أتاه من طريق الغلو والتشدد.

ولهذا نهى الله -جل وعلا- عن الغلو في آيات متعددة ووجه الخطاب لأهل الكتاب وهو لهم ولغيرهم من هذه الأمة: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) [المائدة:77].

فالغلو وإن كان يوجد عند اليهود فهو في النصارى أكثر في الاعتقادات والأعمال ولهذا خصهم القرآن بالتحرير من الغلو ونهيت هذه الأمة عن التشبه بهم.

ولقد نهى الناصح الأمين -صلى الله عليه وآله وسلم- أمته عن الغلو؛ لئلا يقعوا فيما وقع فيه الأمم قبلهم، فروى الإمام أحمد والنسائي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدَاةَ جَمْعٍ: (المزدلفة) "هَلُمَّ الْقُطْ لِي الحصى" أي: حصى الجمار، فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنْ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعَهُنَّ فِي يَدِهِ، قَالَ: "نَعَمْ، بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وهذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، وسبب هذا اللفظ العام رمي الجمار، وهو داخل فيه مثل الرمي بالحجارة الكبيرة بناء على أنها أبلغ من الصغيرة.

ثم علله بما يقتضي مجانبة هديهم، أي هدي من كان قبلنا إبعادًا عن الوقوع فيما هلكوا فيه، وأن المشارك لهم في بعض هديهم يخاف عليه من الهلاك.

كما بيَّن -صلى الله عليه وسلم- مآل من غلا، وأنه يصير إلى الهلاك، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. قَالَهَا ثَلَاثًا"، وكل من شدد على نفسه بما لم يرد في الشرع؛ فإن الله يشدد عليه، والجزاء من جنس العمل، سواء كان هذا في الاعتقاد أو في الجهاد، أو في أبواب الطهارة أو المعاملات، أو غيرها.

فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدّد عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسكم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا) [الحديد: 27]".

أيها المسلمون: إن دين الله في الأرض والسماء واحد، وهو دين الإسلام، وهو بين الغلو والتقصير، وبين الأمن واليأس ولا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق والوسط إلا عجز وانقطع وظلم.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ".

أيها الإخوة: الغلو هو أول خطوات الانحراف عن الدين القويم والوقوع في الشرك العظيم كما حدث لقوم نوح، وكما فعل اليهود في تأليه العزير، والنصارى في تأليه المسيح.

وكما هو الواقع في حياة بعض المسلمين؛ حيث دبَّ فيهم هذا الوباء القاتل، وما زال في ازدياد حتى جهل كثير منهم معنى التوحيد والعبادة، فوقعوا في الشرك بسبب الغلو ومجاوزة الحد المشروع.

قال ابن القيم: "ومن أسباب عبادة الأصنام الغلو في المخلوق وإعطائه فوق منزلته، حتى جعل فيه حظ من الألوهية وشبّهوه بالله –سبحانه-، وهذا التشبيه الواقع في الأمم هو الذي أبطله الله –سبحانه- وبعث رسله وأنزل كتبه بإنكاره والرد على أهله.

ولقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغلو في شخصه، فقال كما في الصحيح: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله".

فكيف بالغلو والإطراء لمن دونه من الناس، كما يفعله بعض أهل البدع والأهواء المضلة.

أيها المسلمون: احذروا أن تزيدوا في دين الله، أو تلبسوا دين الله ما ليس منه، أو تشددوا في الأحكام والاعتقادات مما يخالف الكتاب والسنة، فكل بدعة ضلالة وكل رأي أو فكر أو منهج يخالف القرآن والسنة فهو مردود على صاحبه بنص حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث من أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"، وفي رواية "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" أي: مردود على صاحبه.

ولقد جاء ثلاثة نفر إلى بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوا عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل ولا أنام، وقال الآخر: أصوم الدهر فلا أفطر، وقال الثالث أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا.

فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي، وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".

 ️الرِّفقَ لا يَكونُ في شَيءٍ  - إلَّا «زانَه

الرِّفقُ في الأُمورِ، والرِّفقُ بالنَّاسِ، واللِّينُ، والتَّيسيرُ، مِن جَواهرِ عُقودِ الأَخلاقِ الإِسلاميَّةِ، وهيَ مِن صِفاتِ الكَمالِ، واللهُ سُبحانَه وتَعالَى رَفيقٌ، يُحِبُّ مِن عِبادِه الرِّفقَ.

وقدْ جاء في هذا الحديثِ سَببٌ وقِصَّةٌ، وهو ما رَوَتْه عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها كانت راكبةً على جَملٍ «فيه صُعوبةٌ» يعني أنَّه غيرُ مُذلَّلٍ ومُطيعٍ لِصاحبهِ الرَّاكبِ عليه، «فجَعَلَتْ تُرَدِّدُه» أي: تَمنَعُه وتَدفَعُه بشِدَّةٍ وعُنفٍ وتُحاوِلُ معه للرُّكوبِ، فبَيَّن لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الرِّفقَ لا يَكونُ في شَيءٍ -أي: لا يُقصَدُ استعمالُه في أيِّ أمرٍ- إلَّا «زانَه»، أي: إلَّا أَكمَلَه وزيَّنه، وأصبحَ مَمْدوحًا مَحمودًا، «ولا يُنزَعُ مِن شَيءٍ»، أي: ولا يَبتعِدُ عن أمرٍ، إلَّا «شانَه»، أي: عابَه وجَعَلَه قَبيحًا. والرِّفقُ هو لِينُ الجانِبِ بالقَولِ والفِعلِ، والأخْذُ بالأسهَلِ، وهو ضِدُّ العُنفِ. والحديثُ بَيانٌ لشُموليَّةِ استعمالِ الرِّفقِ في الإنسانِ والحيوانِ.

وقدْ وَرَد في الصَّحيحينِ سَببٌ آخَرُ لهذا الحديثِ؛ فقدْ حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عائشةَ على ذلكَ لَمَّا رَدَّتْ به على اليهودِ حينَ استأذَنوا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: «السَّامُ عليكَ» بدلًا مِن «السَّلامُ عليكَ»، والسَّامُ هو الموتُ، فقالتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها: بلْ عليْكم السَّامُ واللَّعْنةُ. فأمَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالرِّفقِ وعَدمِ الغَضبِ والقَسوةِ، فكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لها هذا القولَ في حادثتينِ مُنفصِلتينِ.

وفي الحديثِ: فَضلُ الرِّفقِ والحثُّ على التَّخلُّقِ به، وذمُّ العُنفِ

أيها المسلمون: الغلو في دين الله يحصل من بعض الناس لأسباب منه كثيرة:

الانسياق وراء العاطفة المجردة والحماس غير المتزن، وعدم ضبط النفس والتحلي بالصبر والأناة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء فصار الأكابر -رضي الله عنهم- عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها، وهذا شأن الفتن كما قال الله – سبحانه وتعالى – (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً) [الفرقان: 25]، وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله".

السبب الثاني: ضعف العلم الشرعي أو تلقيه من غير أهله، فينشأ عن ذلك الأخذ بالمتشابه، وعدم رده إلى المحكم، والخطأ في فهم القرآن والسنة والعزلة عن أهل العلم.

أما الثالث: فهو شيوع الظلم ووجود المنكرات خاصة تلك التي ليس لها ما يبررها، ومهما يكن من أمر فالغلو في دين الله له نتائج خطيرة وآثار سيئة فهو مبعد لصاحبه عن الله -عز وجل- مسببًا تلبيس الشيطان لصاحبه، حتى إن الغالي في دين الله قد يفعل أفعالاً يظنها تقرّبه إلى الله وهي من موجبات سخط الله وعقابه.

ومن آثار الغلو السيئة: تكفير المسلمين واستحلال دمائهم، وتأمل في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- للخوارج الذين هم أوائل الغلاة في دين الله حتى قال -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح البخاري ومسلم: "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، فهم يرون أن من لم يوافقهم فهو خارج من الدين حلال الدم، وهذا شأن صاحب كل بدعة حتى قال أبو قلابة: "مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً قَطُّ إِلا اسْتَحَلَّ السَّيْفَ".

وطريقة أهل البدع يجمعون بين الجهل والظلم، فيبتدعون بدعة مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الصحابة، ويكفّرون من خالفهم في بدعتهم؛ كما قال ابن تيمية.

إن الحكم على الإنسان بالكفر أمر خطير له آثار عظيمة، ولهذا جاء الوعيد لمن كفَّر مسلمًا، وليس هو كذلك؛ ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، وفي رواية "أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".

إن أهل السنة والجماعة لا يكفّرون مرتكب المعصية ما لم يستحلها، والتكفير له شروط لا بد أن توجد ومواضع لا بد أن تنتفي، وإسلام المسلم يقين، واليقين لا يزول بالشك، والعبد موقوف بين يدي الله -عز وجل- ومسئول عن جميع ما فعل.

 فاتقوا الله يا عباد الله واستمسكوا بدينكم واحذروا القول على الله بغير علم وإتباع الهوى فهما يصدان العبد عن الهدى.

أيها المسلمون: الشيطان إن عجز عن إغواء الإنسان من باب التساهل وتضييع الفرائض جاءه من طريق الغلو والتشدد، قال ابن القيم: "من كيد الشيطان العجيب أنه يُشام النفس حتى يعلم أيّ القوتين تغلب عليها: قوة الإقدام والشجاعة، أم قوة الانكفاف والإحجام والمهانة، وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل القليل في هذين الواديين: وادي التقصير ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم جداً الثابت على الصراط الذي كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه" وهو الوسط.

عباد الله: أكثر ما يكون عليه أهل الغلو ومجاوزة الحد بعد الشرك: الاعتداء والظلم للناس إما بإخافتهم وترويعهم أو الإخلال بأمنهم أو بقتلهم وجرحهم، وقد قال الله -جل وعلا-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) [الأحزاب:58]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يروّع مسلما".

وقال عليه الصلاة والسلام: "من أشار إلى أخيه بحديدة؛ فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه".

وفي الصحيحين: "لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يديه فيقع في حفرة من النار".

وفيهما أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، وفيهما أيضًا: "من حمل علينا السلاح فليس منا".

وفي سنن النسائي: "قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا"، وفي سنن ابن ماجة: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".

فما أعظم الإقدام على ترويع المسلم؟! فكيف بقتله وسفك دمه وفي كتاب الله: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93].

وإن من العدل والنصح أن نحذر من مسالك الغاليين وتأويل الجاهلين وترويع الآمنين وقتل المسلمين؛ كما فعل ذلك المنحرفون عن الصراط السوي، ومن ذلك اختطاف المسلم أو التهديد بقتله، فهذا ضلال وشر وظلم محرم.

وكل ما يُفعل في بلاد المسلمين من تفجير أو اختطاف أو معصية، أو إلحاد أو فسوق أو فجور أو أفكار منحرفة؛ فإنه شر وبلاء على أمة الإسلام؛ فإن الأمن والغذاء والدين والتوحيد من أعظم العون للإنسان على إقامة شرع الله وعبادة الله (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) [قريش:3- 4].

 ️أهمية الوسطية والاعتدال في حياة الأمة

عباد الله أهل التوحيد :

الأمة المحمدية  أمة الوسط لا إفراط ولا تفريط  قال تعالي :"وكذلك جعلناكم أمة وسطا"

وحب التناهى شطط خير الأمور الوسط

روي أن أعرابيا قال لابن عباس رضي الله عنهما إن العرب تقول: " حب التناهي شطط خير الأمور الوسط "، فهل تجد ذلك في القرآن ؟ قال له نعم ذلك في أربعة مواضع فى القرأن:

  في قوله تعالى في وصف بقرة موسى عليه السلام :

" قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبّكَ يُبَيّنَ لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ لاّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ"( البقرة)، أي : وسط بين الكبر والصغر في السن.

  وفي قوله تعالى:"وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىَ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مّحْسُوراً "( الإسراء أي فتوسط بين الأمرين في الإنفاق.

  وفي قوله تعالى: "وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً"( الإسراء : وهذا السبيل هو الوسط في القراءة والدعاء.

  وفي قوله تعالى في مدح عباد الرحمن المعتدلين": وَالّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً "( الفرقان، :أي وسطا في المعيشة

:" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا "

وما خير حبيبنا صل الله عليه وسلم بين أمرين إلا واختار ايسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه ..

فالوسط هو الخيار، والأعلى من الشيء، والوسط من كل شيء، أعدله، وأصل هذا أن خير الأشياء أوساطها، وأن الغلو والتقصير مذمومان، قال الزمخشري: وقيل للخيار وسط؛ لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل، والأوساط محمية محوَّطة، ومنه قول الطائي:

كانت هي الوسط المحمي ما اكتنفت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفًا.

ومعنى قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]، أي: عدولًا خيارًا، ومنه قوله تعالى: قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ [القلم:28]، أي: خيرهم، وأعدلهم.

هذا؛ والشرع، والعقل داعيان إلى التوسط، والاعتدال، ففي الحديث: إن الدين يسر، ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا... رواه البخاري، وفي رواية: القصد القصد تبلغوا.

والتوسط، والاعتدال هو الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية، فالإنسان خلق ضعيفًا، يعتريه الفتور، والكسل، وتعرض له الشواغل، ويتقلب بين قوة وضعف، وصحة ومرض، فكان الاعتدال هو المناسب له، المتفق مع حاله، وإن أحس من نفسه همة عالية وقوة، فجنح إلى التشدد، فمرده إلى الضعف، وانقطاع المسير.

وهذه الأمة المسلمة أمة وسطية، بكل معاني الوسط:

وسط في النبوة والرسالة، فلا هي غلت في نبيها، كما غلت النصارى في نبيهم، ولا هي أساءت إليهم، وآذتهم، وقتلتهم، كما فعلت يهود.

وهي وسط في الشريعة، والأحكام، كما يقوله الإمام الشاطبي: الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل، الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخل تحت كسب العبد من غير مشقة عليه، ولا انحلال، بل هو تكليف جارٍ على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غاية الاعتدال.

 عباد الله :

من استقرأ شريعة الإسلام في الحرص على وحدة الكلمة وتآلف القلوب ولَمّ الشمل، والتحذير من الاختلاف والتفرق؛ تبين له تلك العناية البالغة لهذا الجانب كي تقوى الأمة ويتحقق عزها، ويدوم أمنها واستقرارها، ولا يستطيع الأعداء نَيْل بُغيتهم منها.

فوحدة الكلمة ولَمّ الشمل وتآلف القلوب من أهم مقومات هذا الدين، ومن الدعائم الأساسية لهذا المجتمع؛ لأن به تتحقق مصالح الدين والدنيا، والتناصر والتعاون والتعاضد، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103]، وقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..) [الحجرات: الآية 10].

ولن يتأتى النصر على الأعداء إلا بعد أن تتوحد هذه الأمة على منهج الكتاب والسنة، ونقف صفًّا واحدًا في مواجهة الأفكار المنحرفة.

وإني أحذر شبابنا من التأثر بالشائعات الكاذبة والأراجيف المغرضة والأفكار الوافدة الهدامة التي تُنشر عبر الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي، والتي تهدف إلى الطعن في الدين والأخلاق، وبثّ الفرقة والاختلاف، والقدح في الولاة والعلماء، بل علينا أن نتكاتف مع ولاة أمرنا وعلمائنا، ونتعاون معهم على إقامة الحق وتطبيق الشرع ورعاية مصالح الدين والدنيا.

عباد الله: إن أمة الإسلام لها سِمَتُها البارزة بين الأمم، فهي الأمة الوسط، ومنهجها منهج وسطي، أثنى الله –تعالى- عليها في كتابه فقال: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [البقرة: الآية 143]، فهي الأمة الوسط بكل معاني الكلمة؛ شرفاً وإحساناً، وفضلاً وتوازناً، واعتدالاً وقصداً، وعقيدةً ولفظاً، وشريعةً ومنهجاً، وموقعاً تاريخياً.

وشريعتها الربانية تتسم بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج؛ وموافقة الفطر السليمة، وهي وسط في كل القضايا الدينية، والدنيوية، والعبادات، والمعاملات،.

يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "إن الشريعة جارية في التكليف لمقتضاها على الطريق الوسط العدل الآخذِ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، فإذا نظرتَ إلى كُليِّةٍ شرعية فتأمَّلها تجدها حاملةً على التوسط والاعتدال، ورأيتَ التوسطَ فيها لائحًا، ومسلكَ الاعتدال واضحاً، وهو الأصل الذي يُرجع إليه، والمعقِل الذي يُلجأ إليه".

ويقول الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "وعلى الجملة فالأولى بالمرء أن لا يأتي من أقواله وأعماله إلا بما فيه جلبُ مصلحة أو درءُ مفسدة، مع الاعتقاد المتوسط بين الغلو والتقصير".

فهذه الوسطية التي جاء بها الإسلام إنما جاءت لتحقيق مبدأ التوازن الذي تقوم عليه سُنَّة اللَّه في خلقه، وفق نظام رباني، ومشيئة وحكمة إلهية، وتقدير مسبق، وثوابتَ وسننٍ لا تبديل لها، فإذا فَقَدتْ ذلك مالتْ مع الأهواء، وأصبحتْ إما تفريطاً أو إفراطاً.

فما من شعيرة من شعائر الدين إلا وهي محفوفة بالوسطية فلا غلو فيها، ولا تفريط.

والله -جل وعلا- لم يحمل الناس على الأحكام جملة واحدة، إنما كان مبدؤه التدرج في التحريم، كما في قضية الأصنام التي كانت حول الكعبة، وكذلك الخمر التي جاء الأمر بتحريمها تدريجياً، تهيئة وترويضاً للنفوس على تقبل أوامر الله، واستجابة لأحكام الدين.

وكان -صلى الله عليه وسلم- يحرص على التيسير، ويحث أصحابه عليه كما في قوله: "يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا" (رواه البخاري)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ" (رواه البخاري).

وورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا" (رواه البخاري).

عباد الله: إن الوسطية التي جاء بها الإسلام لها مظاهرها المتعددة؛ والتي تشمل جميع شرائع الدين، وفرائضه، وأحكامه، ومن ذلك:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ميز الفرقة الناجية وهم أهل السنة والجماعة بالوسطية بين جميع فرق المسلمين، فقال عنهم: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ" (رواه أحمد).  فهم العُدُول الخيار، وأهل التوسط والاعتدال عقيدةً وعلماً وعملاً وأخلاقاً، وهم وسط بين أهل الغلو والتقصير, والتفريط والإفراط.

قال ابن القيم -رحمه الله-: "فدين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، وخير الناس النمط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين, ولم يلحقوا بغلو المعتدين".

وهم وسط في باب الأسماء والصفات، فيثبتون ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم-, من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل،لا يتجاوزون القرآن والحديث.

وهم وسط في محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-, فيعتقدون أنها أصل من أصول الإيمان, وأن الإيمان لا يكتمل للمرء حتى يحبه أكثر من نفسه وأهله وماله وولده والناس أجمعين, ولا يقدمون محبة أحد من الخلق على محبته, ولا يغلون في محبته فيعطونه شيئاً من الخصائص التي لا تجوز إلا لله. لأنه بشر, لا يعلم الغيب, ولا يُدْعَى من دون الله, ولا يستغاث به.

وهم وسط بين من يغلو في القبور, فيشيدها ويزخرفُها, أو يتخذها مساجدَ يصلي إليها أو عندها, أو يطوفُ بها, ويذبحُ عندها ويدعو أصحابها. وبين من يهينها, أو يطأُ عليها ولا يعرف لأصحابها حرمة. بل يوارون أهلها على ما يقتضيه الشرع, ويزورون القبور للسلام على الميت والدعاء والاستغفار له, ولا يتجاوزون ذلك.

وهم وسط في باب الإيمان والعمل بين الخوارج الذين يكفرون أهل الكبائر, وبين المرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب.

وهم وسط في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين أهل الغلو من الخوارج والمعتزلة الذين يغالون في الإنكار حتى يصل الأمر بهم إلى إخراج المسلم من دينه ويستحلون دمه, والخروج على ولي الأمر المسلم وشق عصا الطاعة، وسفك الدم وزعزعة الأمن. وبين من يسعون لتعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقاً.

بل هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعةُ الغراءُ, التزامًا بأمر الله تعالى، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويرون السمع والطاعة بالمعروف لولي الأمر المسلم برًّا كان أو فاجراً، في العسر واليسر والمنشط والمكره, إلا أن يُؤمروا بمعصية الله.

وهم وسط في أداء العبادات الظاهرة, كالصلاة والصيام وسائر العبادات, فلا ينقطعون بها عن الدنيا والسعي في تحصيل ما ينفعهم مما أباح الله, ولا ينشغلون بالدنيا عنها. بل يفعلون ما أوجب الله عليهم، ويكملونه بالنوافل على حسب القدرة والاستطاعة, متبعين في ذلك نبيهم -صلى الله عليه وسلم-, فلا يزيدون على هديه ولا ينقصون.

وهم وسط في أمور الدنيا: فلا يغالون في طلبها وتحصيلها, ولا ينقطعون عن بذل أسباب الرزق الحلال والعيش الهنيء, والتمتع بما أباح الله, من غير إسراف ولا مخيلة.

قال تعالي ، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: الآية 153].

 "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا

وعليكم بالاعتدال في

 ️1- الوسطية في الاعتقاد، فهناك من كفر المسلمين بارتكاب الكبائر، وجعله مخلداً في النار، وتشددوا في تكفير المسلمين وهم: الخوارج، وذيولهم حالياً هم فرقة داعش أو غيرهم، وقد يأتي غيرهم مستقبلا، وهم الذين خرجوا على المسلمين فقتلوا فيهم وكفروهم، فهؤلاء عندهم غلو وتشدد في الدين.

وهناك على النقيض فرق كالمرجئة المتهاونين في ارتكاب الكبائر بحجة أنه لا يضر مع الإيمان كبيرة، فتساهلوا في المعاصي، وارتكبوا الفواحش.

وأما أهل السنة والجماعة فقد كانوا معتدلين فلم يكفروا أحدا من المسلمين، ولم يكفروا مرتكبي الكبائر، بل قالوا ينقص إيمانهم بقدر معصيتهم، فهذا الوسط في دين الله -عز وجل-.

 ️2- الوسطية في العبادة:

 من مظاهر الاعتدال في الإسلام عند أهل السنة: الوسطية في العبادة، فقد سأل نفر عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم- فكأنهم قالوا: إنها عبادة قليلة، فقال أحدهم: أما أنا أقوم ولا أنام؟ وقال الآخر: أما أنا أصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، فلما سمع عنهم النبي -صلي الله عليه وسلم- قام على المنبر خطيباً، وقال: "والله أني لأخشاكم لله ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"(متفق عليه)، وأيضاً قال صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا"( البخاري).

عباد الله: قد يقصر بعض الناس في الصلوات وغيرها من العبادات، وتراه لا يصلي الفجر مع الجماعة أو العصر وبعض الصلوات، ويقولوا: الدين يسر، ولا تشددوا على الناس، وعليكم  بالوسطية.

ولم يعلم هذا المسكين أن فعله ليس من الوسطية في شيء، بل هذا من التقصير في الدين وهو التفريط، فالوسطية يعني أن نقوم بما أوجب الدين علينا من الأوامر ونترك المحرمات، لكن تؤديها كما كان يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا تزيد على نفسك الى درجة المشقة، وفي نفس الوقت لا تقصر في شيء من الواجبات أو ترتكب المحرمات، وكانت امرأة تصلي ليلاً في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان بجانبها خيط معلق فإذا تعبت من القيام أمسكت الحبل، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- الحبل، قال: "حلوه، ليصل أحدكم ما أستطاع ثم ليرقد"، وكذلك منع بعض الصحابة من الصوم المتواصل.

 هذا هو المطلوب منك -أخي المسلم- أداء الواجبات والزيادة عليها قدر الاستطاعة، وترك المحرمات.

 ️3-  الوسطية في إعطاء الحقوق:

فحق الله -عز وجل- له الحق الأعظم، ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، ثم للوالدين حقوقهم، وللزوج حقوقه، وللزوجة حقوقها، وللأبناء حقوقهم، وللأقارب حقوقهم، وللجيران حقوقهم، وهكذا..

وكل ذلك في إطار التوازن والعدل، فيجب أن يعطى كل ذي حق حقه بميزان القرآن والسنه، وأن لا تكون متعدياً على أحد من المسلمين من قريب أو جار، أو حتى غير المسلمين، بل حتى الحيوان، قال تعالى: (وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)[البقرة: 190].

فالوسطية إعطاء الحقوق لكل صاحب حق، وقد أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- سلمان الفارسي عندما نام عند أخيه أبي الدرداء فوجده يقوم الليل من أوله ولا ينام، فقال له: "نم"، فلما أراد أبي الدرداء قيام الليل، قال: "لا، نم"، فكلما أراد أبي الدرداء قيام الليل، قال له سلمان: "لا تقم، نم"، فلما جاء آخر الليل أمره بالقيام ثم لما جاء النهار وجده دائماً يصوم ولا يؤانس  أهله في المأكل والمشرب وغيرها، فأمره أن يفطر أحياناً حتى  يؤانس أهله، فتعجب أبي الدرداء من ذلك، وذهب يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال عليه الصلاة والسلام: "صدق سلمان"، ثم قال: "إن لربك حقاً، ولأهلك عليك حقاً؛ فأعط كل ذي حقاً حقه".

4- عباد الله: ينبغي على كل مسلم أن يعبد الله على علم وبصيرة، وأن يحذر مكائد الشيطان الذي يُحيد عن الطريق المستقيم، ويُزيغ عن الهدي القاصد، الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا" ( البخاري).

قال ابن القيم -رحمه الله-: "ما أمر الله -عزَّ وجل- بأمر، إلا وللشيطان فيه نزغتان: إمَّا تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو، فلا يبالي بما ظفِر من العبد من الخطيئتين".

وقال الأوزاعي -رحمه الله-: "ما من أَمْرٍ أَمَرَ اللهُ به، إلا عارض الشيطانُ فيه بخصلتين، ولا يبالى أيهما أصاب: الغلو، أو التقصير".

فإذا أردنا أن نحقق الوسطية في حياتنا فعلينا:

  أولاً: أن نتمسك بكتاب ربنا -جل وعلا-، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فهما الواقيان -بإذن الله تعالى- من الوقوع في الخطأ والزلل، والخروج عن الصراط الذي ارتضاه الله -جل وعلا- لعباده، وارتضاه رسوله -صلى الله عليه وسلم- لأمته.

 ثانياً: تأصيل مفهوم وسطية وعدل الإسلام بين جميع فئات المجتمع من خلال المناهج الدراسية، ومنابر المساجد، وعبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، والندوات، واللقاءات وغير ذلك.

 ثالثاً: العمل على تحقيق منهج الوسطية والاعتدال في حياتنا، وأن نبتعد عن كل أسباب الغلو والتطرف، سواء في الفكر أو في العمل.

 رابعاً: أن يقوم العلماء بدورهم المنوط بهم من إيضاح خطورة التطرف والإرهاب، والانحراف عن المنهج الحق، والتحذير من الشبهات والشهوات التي تصيب المجتمع المسلم، وخاصة شباب هذه الأمة الذين هم عمادها بعد الله -تعالى-.

 خامساً: يجب على الجميع رجالاً ونساءً، شباباً وفتياتٍ أن يطيعوا ولاة أمرهم في المعروف، وأن يلتفوا حول علمائهم ويأخذوا عنهم الحق، وأن يرجعوا إليهم في جميع المُلِمَّات فهم أدرى الناس بالواقع، وأعلم الناس بما يعود عليهم بالخير في العاجل والآجل.

إياكم والغلو فهو طريق الهلاك


 ان الاسلام العظيم الذى جاء به رسولنا محمدصل الله عليه وسلم ومن قبله اخوانه من الانبياء والمرسلين دين الوسطية وعدم الغلو قال رسول الله " بعثت بالحنيفية السمحة" وقال صل الله عليه وسلم (هلك المتنطعون هلك المتنطعون  هلك المتنطعون " {المتعمقون المغالون  المتجاوزون الحدود فى الامور} وقال أيضا  " سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشىء  من الدلجة " وقال صل  الله عليه وسلم" عليكم من العمل ماتطيقون فان الله لا يمل ختى تملوا "  قال ايضا "أحب الأعمال الى الله أدومه وان قل""

 ولما صلى معاذ بن جبل وأطال فى القرآءة واشتكى الرجل الى رسول الله  قال رسول الله لمعاذ " أفتان انت يامعاذ" من ام منكم الناس فليخفف فان فيهم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة

" «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ»

(والغلو معناه مجاوزة الحد وهوايضا بمعنى  المبالغة في الشيء. ومنه الغلو في الدين، ومن معانيه: الميل والانحراف عن الطريق المستقيم، أو أن يزيد في الدين ما ليس منه؛ بحيث يتجاوز الحد المشروع، أو يتشدد في العبادة، أو يتعسف في أدائها، حتى يخرج بها عن الصفة المشروعة. فكل من تعبد الله بغير ما شرع نوعًا أو عددًا أو صفة فهو من الغلاة، ومن هنا أصبحت البدع في الدين نوعًا من الغلو والتطرف.)..... الى غير ذلك من النصوص التى تدل على سماحة الاسلام ووسطيته وبعده كل البعد عن الغلو والتطرف أو

مايسمى بلغة العصر الارهاب وهنا تأتى عدة أسئلة  ويحتاج الى جواب

اين ومتى نشأ الارهاب؟


 لقد كان أول ظهور له فى عام 1800 فى فرنسا عندما تعرض نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية  الى الاغتيال من الثوار الفرنسيين وانعقد مؤتمرا بهذا الخصوص وانتهوا الى وصف هذا العمل بالعمل الارهابى أو [عنف وارهاب صادر عن أفراد وجماعات خارجة عن القانون ]

 اذا الارهاب نشأ فى اوربا ولم ينشأ فى بلاد الاسلام

 لماذا ينسبون كل عمل ارهابى الى الاسلام والمسلمين؟

 الاساءة والتشويه لصورة الاسلام والمسلمين بعد ماهالهم وازعجهم وقض مضاجعهم  دخول الناس فى الاسلام وانشاره كانتشار النار فى الهشيم (يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولوكره الكافرون )

ما هوالغرض من أى عمل ارهابى ؟


 الغرض من أى عمل ارهابى {خلق جو من الرعب ونشر الرعب والخوف بين الناس لاستهداف الاموال العامة والخاصة بهدف الاستيلاء عليها وهومايسمى فى الشريعة { الحرابة }اى محاربة الناس ومغالبتهم لأخذ اموالهم وقطع الطرق وتعطيل مصالحهم ومنعهم من الخروج لمعايشهم وهذا كله وقف الاسلام فى وجهه وحدد له عقوبات رادعة منعا لحدوثه ودرألمفاسده لأن هذا يؤدى الى الفساد فى الارض والله لا يحب الفساد

قال الله تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وسبب نزول هذه الآية -العرنيين لما قدموا المدينة وهم مرضى فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى الإبل ويشربوا من أبوالها وألبانها فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الإبل «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله» بمحاربة المسلمين «ويسعون في الأرض فسادا» بقطع الطريق «أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف» أي أيديهم اليمنى واليسرى «أو يُنفوا من الأرض» أو لترتيب الأحوال فالقتل لمن قتل فقط والصلب لمن قتل وأخذ المال والقطع لمن أخذ المال ولم يقتل والنفي لمن أخاف فقط قاله ابن عباس وعليه الشافعي وأصح قوليه أن الصلب ثلاثا بعد القتل وقيل قبله قليلا ويلحق بالنفي ما أشبهه في التنكيل من الحبس وغيره 

-هل الاسلام فى موقف الاتهام ؟

 الاسلام ادان قتل النفس بغير حق عن قناعة مستمدة من نصوص القرآن والسنة وليس من باب الدفاع عنه كمتهم قال الله تعالى (ولا تقتلوا النفس التى حرم الله الابالحق ..) وقوله تعالى (من قتل نفسا بغير نفسا بغير نفس أوفساد فى الارض فكأنما قتل الناس جميعا ...) وقال رسول الله " لايحل دم امرىء مسلم الاباحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزانى والتارك لدينه المفارق للجماعة

ماهى أسباب الغلووالتطرف

يرجع  الغلووالتطرف [ الارهاب ] الى عدة أسباب من أهمها

عدم فهم الإسلام على حقيقته:

الجهل سبب لكل داء، وهو جهل بعلم الكتاب والسنة، فإن من عنده علم بالكتاب والسنة، وما دلا عليه لا يتصور وقوعه في الغلو والتطرف، وكذلك عدم الفقه في الدين يؤدي إلى الغلو؛ لعدم القدرة على ربط الجزئيات بالكليات، ورد المتشابه إلى المحكم، وعدم القدرة على التحقيق في الخلاف ومن الجهل بفقه الدليل الميل إلى التشديد والتضييق والإفراط في القول بالتحريم دون تروٍّ وتثبت، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: ﴿وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾وهكذا كانت حال الخوارج، يدعون العلم والاجتهاد، وهم من أجهل الناس، ومن سماتهم التشدد والتعنت، وهذا حال الغلاة؛ لقلة بضاعتهم من العلم الصحيح.


البعد عن العلماء

العلماء هم ورثة الأنبياء، وهم منابر النور، وهم مصدر تلقي العلم الصحيح، وهم أهل الذكر الذين أمرنا الله تعالى بسؤالهم في حال الجهل، أو الشك، أو الاشتباه، كما قال سبحانه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].ومن الناس اليوم من اتخذ رؤساء جهالاً، فضلوا وأضلوا؛ لأنهم لم يتلقوا العلم من أهله وشيوخه وخاصته، فعلم الشريعة لا بد أن يرجع فيه إلى أهله الثقات. فقد أحدث هؤلاء فجوة بينهم وبين العلماء، المشهود لهم بالخير والصلاح، ممن يوثق بعلمهم. وإذا بحثت عن مصادر التلقي عند هؤلاء وجدتها

مصادر توافق أهواءهم والتي تدعو للتعصب والبدع تحت غطاء التدين، أو جهال من جنسهم لم يؤتوا حظًّا وافرًا من العلم الصحيح، فكيف يركن الغلاة والمتطرفون إلى هذه المصادر الواهية، وكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – بين أيدينا فيها الحق والفصل ؟ قال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ»

فدين الله واضح، وقد تركنا محمد – صلى الله عليه وسلم – على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك


التعصب الأعمى للجماعة أوالحزب :

 والتعصب الأعمى للمذهب او للحزب اوالجماعة  وتقديس الأشخاس يعمى ويصم عن الحقيقة وقبول الرى الآخر ولو كان صوابا  يؤدى الى الغلوولذا نهى الله و رسول الله عن العصبيةيقول الله تعالى ذاماً أهل الحمية لغير الدين: إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ [الفتح:26]، وجاء في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية))

وجاء أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد)) أخرجه مسلم في صحيحه

وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس بنو آدم ، وآدم خلق من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى))


-غربة الإسلام في ديار الإسلام:

وهذا ما أخبر عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – في آخر الزمان، فقال: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ». وهم الذين يصلحون إذا فسد الناس، أو يصلحون ما أفسد الناس، ونحن نعيش في عصر اشتدت فيه غربة الإسلام، فالقابض على دينه كالقابض على الجمر، ولا شك أن ظهور الغلو والتطرف في العصور المتأخرة، ووجود الغلاة المتطرفين، من الفتن التي أخبر عنها النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا"

فإن غربة الإسلام في ديار الإسلام تؤذن بغياب الوسطية في المجتمعات المسلمة، ومتى غابت الوسطية ظهر الغلو والتطرف، وظهرت البدع والخرافات، وكثر الانحراف العقدي والفكري، وفسدت الأخلاق.

وقديمًا قيل إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده. وقد وصف الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها أمة وسط، والوسط هو العدل والخيار، كما قال سبحانه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143]. أي لا إفراط ولا تفريط.

 علاج الغلو فى الدين 

  التحاكم الى الكتاب والسنة

التحاكم إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتمسك بهما، هو سبيل العلاج من الغلو، فالله جل وعلا يقول: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاًّ مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]. ويقول: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُّبِيا)

 -نشر العلم الشرعي:

فنشر العلم الشرعي، وأخذه عن العلماء، وأخذه عن المشايخ المعروفين بالعلم، والمعروفين بالثقة والأمانة وسلامة المنهج، هو سبب عظيم لنبذ هذا الغلو وسبب لتركه، فإن صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يعرف عن أحد منهم أنه غلا.

لما جاء ثلاثة رهط إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وذكر كل واحد منهم أنه سيترك عملاً مِن الأعمال، أو سيترك أمرًا من الأمور، تعبدًا لله عز وجل، غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال: «أَمَا إِنِّي أَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء الصحابة لما وقع منهم ما وقع حذرهم النبي – صلى الله عليه وسلم.

 توقير وتعظيم العلماء:

 ومن الأمور التى يعالج بها  الغلو والتطرف تعظيم أهل العلم، فهو  من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم. فالعلماء عظمهم الله جل وعلا بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]. وقوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11].

فإذا كان الله جل وعلا عظم شأن العلماء، فكيف لا يعظمهم البشر ؟ كيف لا يعظمهم من هو دونهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»(26).

إذا هان شأن العلماء، وهان شأن أهل العلم، فإن الناس لا تربطهم رابطة؛ لأن الناس إنما يرجعون إلى علمائهم وأمرائهم، يرجعون إلى علمائهم في بيان العلم الشرعي، وبيان ما يجوز لهم، وما يحرم عليهم، وما يكره لهم، وما يستحب، وما يباح لهم.

ويرجعون إلى الأمراء فيما أشكل عليهم، في أمور السياسات والاقتصاد، وغير ذلك، مما هم أعلم به من غيرهم؛ لأن الله جل وعلا أمرنا بذلك:﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]. فأهل العلم وأهل الإمارة هم الذين يعرفون ما يحتاجه الناس، وأما إذا ترك الناس من غير علماء، ومن غير أمراء، فإن الناس لا تقوم لهم قائمة.

  تحقيق العدل مع الجميع :

فعلى ولى الامر ومن يعاونه من الوزراء والمحافظين والقضاة وكل مسئول فى موقعه ان يحقق العدالة مع من ولاه الله عليهم فبالعدل قامت السموات والارض وبالعدل تخمد الفتن وهذا امير المؤمنين عمربن عبدالعزيز يرسل اليه أحد الأمور ويقول له{ ان الخوارج أشعلوا الفتن فأرسل اليه عمر قائلا {أخمد فتنتهم بالعدل}

ولن تتحقق العدالة الا بما يأتى

  االشورى  وعدم الاستبداد بالرأى

 وكان هذا المبدأ فى خير القرون قرن النبى صل الله عليه وسلم الذى حققه على أكمل وجه حين قال له ربه (وشاورهم فى الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ...)

وقد شاور رسول الله اصحابه فيما لم يرد فيه وحى  يوم بدر وأخذ بمشورتهم مع انه نبى يوحى اليه ولم يقل انا الرسول  المعصوم ولى الكلمة الاولى والأخيرة  وليس لأحد معى كلام

بل نزل صلى الله عليه وسلم  على رأى الأغلبية  المتحمسة حين استشارهم فى الخروج لقتال قريش يوم أحد  مع أنه كان له رأى مخالف لرأيهم  لكنه حقق مبدأ الشورى من باب حرية الرأى وعدم الحجر على آراء الآخرين ولو كانت تخالف رأى أفضل خلق الله صلى الله عليه وسلم

 المساواة فى الحقوق والوجبات :

من باب قوله تعالى ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )وقول رسول الله " كلكم لآدم و آدم من تراب ألا لافضل لعربى على أعجمى ولا لأعجمى ولا لأبيض على أسود الابالتقوى"

 تطبيق العقوبات الرادعة

 فمن أمن العقوبة أساء الأدب فلو طبق الحكم الشرعى والقانون الالهى على كل من ارتكب جرما اوحرض او أعان على العنف والارهاب وزعزة الأمن  بدون تباطء ولا تمييع للقضايا لارتدع الجميع كما قال رب العزة ( ولكم فى القصاص حياة ياأولى الألباب لعلكم تتقون )

 -تصحيح المفاهيم:

1- مفهوم الخلاف

2-مفهوم الحوار

3- مفهوم الجهاد

4- مفهوم التكفير

5- مفهوم الولاء والبراء

6-مفهوم ادب الاختلاف

 وبيان ان الاختلاف سنة كونية وحكمة الهية

 قال الله تعالى ( ولوشاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم..)

ولما اراد هارون الرشيد نشر كتب الامام مالك على يكون مذهبه هو السائد فى الامة قال له الامام مالك  ياأمير المؤمنين - ان اختلاف العلماء رحمة من الله على هذه الامة كل يتبع ماصح عنده  وكلهم على هدى وكل يريد الله تعالى -

7-مفهوم ادب الحوار

 وذلك من باب قوله تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ...)

 وأدب الحوار للمحافظة على مصالح الأمة وبيان الحق بدليلة واقامة الحجة على المخالف  ومن خلال الآية نفهم ان الحوارلابد وان يكون

بالحكمة ومعناها القول المنزه عن الغلط واللغط

وبالموعظة الحسنة القول الرقيق الذى يصل الى القلوب

المجادلة بالتى هى أحسن ألاوهى الحجة والبرهان  قول الحق بالدليل الساطع

والله من وراء القصد وهو الهادى الى سواء السبيل

google-playkhamsatmostaqltradent