
الإبتلاء سنة من سنن الله الكـونية
الإبتلاء سنة من سنن الله فى الكون والناس قى الإبتلاء أربعة أنواع فريق عرف وفريق نسوا وفريق تنكر وفريق سمسر وتعالوا لنتعرف عليهم :"
الفريق الأول
عرف الله في السراء والضراء
قال تعالى :كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"(الأنبياء/35).
فمن الناس من يعرف الله فى الرخاء والشدة فهو فى الرخاء شاكر وفى الضراء صابر وتلك حال المؤمن قال تعالى:"وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "(ال عمران/133-134).
فنرى ان هذا الفريق من الناس فى سرائه وضرائه لا يتغيرفى معاملته لله لايغضب إلا لله ولا يرضى إلا لله يقول صلي الله عليه وسلم:"من أحبَّ للهِ وأبغض للهِ وأعطَى للهِ ومنع للهِ فقد استكمل الإيمانَ"(أبو داودوالطبراني )،
الإخْلاصُ شرْطُ قَبولِ الأعْمالِ، وعَلامةُ كمالِ الإيمانِ؛ فمَنْ
أخلَص كلَّ طاعاتِه لِلَّهِ تعالى، طالِبًا منه الأجرَ والثَّوابَ لا لِطَلبِ
سُمعةٍ ورِياءٍ فإنَّه يَكمُلُ إيمانُه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "من أحَبَّ للهِ، وأبْغَضَ للهِ"، أي: أحَبَّ وأبْغَضَ بما يُقرِّبُ مِن طاعةِ اللهِ، فيُخرِجُ حظَّ النَّفسِ مِن الحُبِّ والكُرهِ للغيرِ، إلَّا بما يُرضي اللهَ عزَّ وجلَّ، "وأعطَى للهِ"، أي: ما كان مِن إنفاقٍ كصَدَقةٍ وهَديَّةٍ، لا يُريدُ بها إلَّا وجهَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فيُعطي في مَرضاةِ اللهِ مَن يُحبُّهم اللهُ ويُحبُّونَ اللهَ،
وفي الحديثِ القُدسيِّ الذي رواه أحمدُ: "حَقَّتْ مَحبَّتي للذين يَتباذَلون مِن أجْلي"،
"ومَنَعَ للهِ"، أي: وأمْسَكَ وامْتنَع عن إنفاقِ مالِهِ في غيرِ ما أمَر به اللهُ عزَّ وجلَّ، وكان إمساكُه طلبًا لرِضا اللهِ وليس منعًا لِهوًى في نفْسِه كالشُّحِّ والبُخْلِ، "فقد استَكمَل إيمانَه"، أي: يكون إيمانُهُ كاملًا لا نقْصَ فيه إذا اتَّصَفَ بهذه الصفاتِ، ومَن جعَل حَياتَه كلَّها للهِ، كان جَزاؤُه أنَّه كَمُلَ إيمانُه. وإنَّما خَصَّ الأفعالَ الأربعةَ؛ لأنَّها حُظوظٌ نَفْسانيَّةٌ؛ إذْ قلَّما يُمحِّصُها الإنسانُ للهِ تعالى، فإنْ قدَرَ على مِثلِ تلك الأمورِ أنْ يَجعَلَها للهِ تعالى، كان على غَيرِها أقدَرَ.
ويقول صلي الله عليه وسلم:"عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له"(مسلم).
في هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَجَبًا لِأمرِ المُؤمنِ»؛ فأَظهَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ العَجبَ على وَجهِ الاستحسانِ لشَأنِ المُؤمِنِ وأحوالِه؛ وذلك لأنَّ
أحوالَ المؤمنِ كلَّها فيها خَيرٌ، وليْسَ ذَلك لأحدٍ إلَّا المؤمنُ، فكُلُّ
إِنسانٍ في قَضاءِ اللهِ وقَدَرِه بينَ أَمرينِ: مُؤمنٍ وغَيرِ مُؤمنٍ، فالمؤمنُ
إنْ أَصابتْه سَرَّاءُ مِن نِعمةٍ دِينيَّةٍ؛ كالعِلمِ والعَملِ الصَّالحِ،
ونِعمةٍ دُنيويَّةٍ؛ كالمالِ والبَنينَ والأَهلِ، شَكَرَ اللهَ، فهو يَعرِفُ حقَّ
اللهِ في تلكَ النِّعمةِ وما قُدِّرَ له منها، فيقومُ بالطَّاعةِ والعبادةِ
والقُربِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ امتنانًا وشُكرًا له سُبحانه، فيَحصُلُ له الأجْرُ
في الآخِرةِ، ويُضافُ لهذا الشُّكرِ فَرَحُه الَّذي يَشمَلُه بتلكَ النِّعمةِ،
وكذلك فإنَّ المؤمنَ إذا أصابتْه الضَّراءُ مِن فَقرٍ، أو مَرَضٍ، أو بَلِيَّةٍ،
أو ضَرَرٍ؛ صَبرَ عَلى أَقدارِ اللهِ، وانْتَظَر الفَرَجَ مِن اللهِ، واحْتَسبَ
الأجْرَ عَلى اللهِ، ولَجَأَ إليه تعالَى في كَشْفِها، فكان الصَّبرُ خَيرًا له؛
لأنَّه يُثابُ على صَبرِه، ويَحُوزُ أجْرَ الصَّابِرينَ الَّذين يُوفَّونَ
أُجورَهم بغيرِ حِسابٍ؛ فكان أمرُه كُلُّه خيرًا، فَكان ذلكَ خَيرًا له.
فالإيمانُ بقَضاءِ اللهِ وقَدَرِه
يَجعَلُ المؤمِنَ في رِضًا كامِلٍ على كُلِّ أَحوالِه، بخِلافِ غَيرِ المُؤمِنِ
الَّذي يَكونُ في سَخَطٍ دائِمٍ عندَ وُقوعِ ضَررٍ عليه، وإذا ما حاز نِعمةً مِن
اللهِ عزَّ وجلَّ انشَغَلَ بها عن طاعتِه، فضْلًا عن صَرفِها في مَعصيةٍ.
الفريق الثانى
نسوا الله في الشدة والرخاء
أما الفريق الثاني من الناس فريق نسى الله
فى الرخاء والشدة فهو إذا أصابته نعمة بطر
وجزع ومنع وإذا أصابته شدة يئس وقنط من رحمة الله وفى هذا الفريق يقول الله تعالى
:"إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا"(المعارج/19-21)."
سئل ترجمان القرآن بن عباس رضى الله عنه ما معنى هلوعاً؟
فقال لا أجد لها تفسير أبين من تفسير الله تعالى ثم قرأ :" إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا"(المعارج/20-21).
وليس كل الناس هكذا لأن الله إستثنى قوماً فقال إلا المصلين
الفريق الثالث
معرفة الله في الشدة وتنكر له وقت الرخاء
أما الفريق الثالث من الناس :"فهو فريق توجه إلى الله فى الشدة وتنكر له ساعة الرخاء وفى هؤلاء يقول الله تعالى:"وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "(يونس/12).
فنرى فى هذه الآية مثالاًمن البشر عندما يصابون بشدة يتوجهون إلى الله فى كل أحوالهم قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم يقول :"يارب ويتضرعون ويجأرون ظانين أنهم يخادعون الله وهم فى الحقيقة ما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون .
يقول الله تعالى فى حديثه القدسى الجليل :"لقد خلقتُ خلقًا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصبر، فبي حلفت لأتيحنَّهم فتنةً تدع الحليم منهم حيران، فبي يغترون، أم علي يجترئون؟ "(الترمذي في الزهد من حديث ابن عمر رضي الله عنه).
تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفْك في الشدة
فالله عز وجل شاءت إرادته أن يحفظ مَنْ حفِظه، وأن يقابل العاملين المخلصين بأعظم ما يتصورونه من إجزال العطاء، ومضاعفة الجزاء، ومكافأة الإحسان بالحسنى:"احفظِ الله يحفظْكَ، احفظِ الله تجده تُجاهك أو احفظ الله تجده أمامك"،
وهو سارٍ على سُنَنِ قوله تعالى:"وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ"(البقرة: 40).
وقوله تعالى:" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ"(البقرة: 152)، وقوله
تعالى:"إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"(محمد: 7).
ومعلوم أن حياة المؤمن قائمة بين رخاء وشدة، بين فرح وتَرَحٍ، بين فُسْحةٍ وكُربة، بين عطاء وحرمان، وهي سنة الله في عباده؛ قال تعالى:"وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ "(الأنبياء: 35)،
وقال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ
إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ
يَضَّرَّعُونَ "(الأعراف: 94).
واصبر على القَدَرِ المحتوم وارضَ به
وإن أتاك بما لا تشتهي القدرُ
فما صفا لامرئ عيش يسر به
إلا سيتبع يومًا صفوه كدر
فما موقف المسلم من الوضعين؟
قال صلى الله عليه وسلم:"تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفْك في
الشدة"؛ أي: إن الله عز وجل لا يُعرف فقط عند نزول الشدائد والكربات، وحلول
الأزمات وعضَّةِ المُلمَّات، ثم يُنسى عند الرخاء والدعة، والعافية والأمن،
وبُحْبُوحةِ العيش، وصحة البدن، فمن اقتصر على ذلك، لم يتعرف إلى الله حقًّا، وقد
يُجازَى من جنس عمله، فينساه الله في الشدة كما نسيَهُ هو في الرخاء حين كان
لاهيًا بملذاته، سادِرًا بنزواته، معتزًّا بماله وجاهِهِ وصحته، غافلًا عن دعاء
ربه؛ يقول نبينا صلى الله عليه وسلم:"من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد
والكَربِ، فليُكثرِ الدعاء في الرخاء"( سنن الترمذي).
فمن كان يذكر ربه عند الرخاء، يذكره ربه عند الأزمة، فيفرج كربته،
ويقضي حاجته، ويجعل له مخرجًا من ضيقه، وفرجًا من همِّه، وانفساحًا من غمِّه،
ويسرًا من عسره، وتنفيسًا من كربته، كل ذلك بما سلف من التعرف إلى الله وقت السَّعة
والدَّعة، وما كان عليه من الدعاء والتحبُّبِ إلى الله بالطاعة، والتقرب إليه
بالحمد والشكر.
هذا نبي الله يونس عليه السلام كان يذكر ربه في الرخاء بالعبادة والدعاء والتسبيح، فلما كان وقت الشدة حين التقمه الحوت وكاد يقضي عليه، إذا بالفرج ينزل من السماء، فينزاح الكرب، وينجلي الموقف عن عناية ربانية خاصة؛ قال تعالى:"فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ "(الصافات: 142 - 144)،
وقال تعالى:"فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ "(الأنبياء: 87، 88).
قال الحسن البصري رحمه الله: "ما كان ليونسَ صلاةٌ في بطن الحوت، ولكن
قدَّم عملًا صالحًا في حال الرخاء، فذكَرَه الله في حال البلاء، وإن العمل الصالح
ليرفع صاحبه، فإذا عَثَرَ، وجد متكأً"، وصارت دعوته عليه السلام معونة للمسلم
في تفريج كربه، وإزاحة همومه؛ قال صلى الله عليه وسلم:"دعوة ذي النون إذ دعا وهو
في بطن الحوت: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ ﴾، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له"(الترمذي).
وهؤلاء أصحاب الغار الثلاثة، كانت لهم مواقف حسنة وقت الرخاء عرفوا
بها ربهم، فجعلوها شفيعًا لهم وقت الشدة، فلما سُدَّ عليهم الغار، لم ينفعهم إلا
أنهم تذكروا جميل أعمالهم وقت الرخاء، وخالص قرباتهم عند الفسحة وسابغ النعمة،
فانجلت كربتهم، وانقشعت شدتهم، فخرجوا من الغار سالمين.
وبالمقابل، يضرب لنا ربنا عز وجل المثل بفرعونَ الذي نسي ربه وقت الرخاء، فنسيَهُ ربه وقت الشدة، حين أدركه الغرق فأراد أن يتدارك أمره بالدعاء، فلم ينفعه دعاؤه؛ قال تعالى:"حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ"(يونس: 90)،
فجاء الرد القاصم:"آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ
وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "(يونس: 91).
فمن كان له مال أو شيء يريده وصية بعد موته، فيلكتبها في حال الرخاء
والسعة، قبل أن يباغتَهُ الموت، فيفوت ما قصده من أجر؛ قال صلى الله عليه وسلم:"ما حقُّ امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة
عنده"(متفق عليه)، قال ابن عمر رضي الله عنهما: "ما مرت عليَّ ليلة منذ
سمعت رسول الله يقول ذلك إلا وعندي وصيتي".
وأفضل الصدقة ما كان صاحبها في رخاء وفسحة؛ فقد سُئل رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أي الصدقة أعظم؟ فقال:"أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تخشى الفقر،
وتأمُلُ الغنى، ولا تُمهِل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلانٍ كذا، ولفلانٍ كذا،
وقد كان لفلانٍ"(متفق عليه).
ومن أراد أن يتوب، فليبادر إلى التوبة في وقت الرخاء، ولا يمهل حتى
تراهقه سكرات الموت فيندم؛ قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله عز وجل لَيَقْبَلُ
توبة العبد ما لم يُغرْغِر"(سنن ابن ماجه).
ولا خيرَ في الدنيا إذا لم تكن بها
تقيًّا سليمَ القلب لله تعملُ
ومن لا يخاف الله في الجهر والخفا
فقد خسر الدارين والله يمهل
إن من أعظم الشدائد التي تنتظر كل واحد منا، والتي تحتاج إلى زادٍ
عظيم في الرخاء لتجاوزها والنجاة منها - لحظةَ الموت، وفتنة القبر، وسؤال
المَلَكَيْن، فمن عمِل لما بعد الموت، أمَّنَهُ الله ويسر أمره؛ قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ "(فصلت: 30 - 32).
قال مجاهد:" تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ": عند الموت،"
أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا": لا تخافوا ما تقدمون عليه من أمر الآخرة،
ولا تحزنوا على ما خلَّفتم من دنياكم من أهل وولد، فإنا نخلُفُكم في ذلك كله".
وقال زيد بن أسلم رحمه الله: "يُبشَّر بذلك عند موته، وفي قبره،
وحين يُبعث".
وقال السدي رحمه الله: " نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ": نحن الحفظة الذين كنا معكم في الدنيا، ونحن
أولياؤكم في الآخرة".
وقرأ ثابت هذه الآيات، فوقف فقال: "بلغنا أن العبد المؤمن حين
يبعثه الله من قبره، يتلقاه المَلَكانِ اللذان كانا معه في الدنيا، فيقولان له: لا
تَخَفْ ولا تحزن ... فيؤمِّن الله خوفه، ويُقِرُّ عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم
القيامة، إلا هي للمؤمن قرة عين؛ لما هداه الله، ولما كان يعمل له في الدنيا".
يا سلعةَ الرحمن لستِ رخيصةً
بل أنتِ غاليةٌ على الكسلانِ
يا سلعةَ الرحمن أين المشتري؟
فلقد عُرضتِ بأيسر الأثمانِ
يا سلعة الرحمن هل من خاطب؟
فالمهر قبل الموت ذو إمكان
الفريق الرابع
عاملوا الله معاملة تجارية كأنهم سماسرة الأسواق
أما الفريق الرابع من الناس قوم عاملوا الله معاملة تجارية كأنهم سماسرة الأسواق يجيدون أسعار الصعود والهبوط عرفوا الله فى الرخاء ونسوه وتنكروا له فى الشدة وفى هؤلاء يقول الله تعالى:"﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ"(الحج: 11).
قال الحسن : هو المنافق يعبد الله بلسانه دون قلبه . وبالجملة فهذا الذي يعبد الله على حرف ليس داخلا بكليته ؛ فإن أصابه خير صحة جسم ورخاء معيشة رضي وأقام على دينه . وإن أصابته فتنة أي خلاف ذلك مما يختبر به انقلب على وجهه أي ارتد فرجع إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر
فهؤلاء دخلوا فى عبادة الله دخول التجربةوالتزموا جانبا يسيرا من العبادات فلما فتحت عليهم الدنيا ببريقا رزينتها وزينت لهم الشهوات من النساء والبنين والقناطيرالمقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومةمن الأنعام والحرث ركنوا إلى هذا الحرث
فلما دخلوا إلى مجال الشدة وابتلاهم الله فى أموالهم أوأولادهم أو أنفسهم مادا كان موقفهم.. إنقلبوا على وجوههم تاركين حتى هذا الحرث من العبادة لأنهم لم يدخلوا مطمئنينولم يثبتوا لأنهم دخلوا بقصد التجربة فما النجاة..
بارك الله لنا فى القرآن العظيم
ونفعنى وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم