recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة قال أمك ثم أمك ثم أمك لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح

  


قال أمك ثم أمك ثم أمك 

برالوالدين ..طريق إلى الجنة

                                           حق الأم عظيم

                                       الجنة تحت أقدام الوالدين 
                                           برهمها بعد موتهما 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أمابعد فياعباد الله  

يقول الله تعالى:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً"(الإسراء:23، 24).

عباد الله:" أوصى الله بالإحسان إلى الوالدين جميعًا، وقرن هذا الأمر بعبادته والنهي عن الإشراك به؛ ليدلل على عظمته، ومكانته في الدين، وأمر كذلك بالشكر لهما والبر بهما، وأن ذلك من شكره: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً"(النساء:36).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، ولا يحد النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما".

فانظر أيها القارىء الكريم كيف يربط السياق القرآني بر الوالدين بعبادة الله، إعلانا لقيمة هذا البر عند الله، وبهذه العبارات الندية والصور الموحية يستجيش القرآن وجدان البر والرحمة في قلوب الأبناء نحو الآباء، نحو الجيل الذاهب، الذي يمتص الأبناء منه كل رحيق وكل عافية ، وكل اهتمام، فإذا هما شيخوخة فانية إن أمهلهما الأجل وهما مع ذلك سعيدان.

"وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ "(الاسراء: من الآية24)

تعبير شفاف لطيف يبلغ شغاف القلوب وحنايا الوجدان.فهي الرحمة: رقة وتلطف حتى لكأنها الذل الذي لا يرفع عينا، ولا يرفض أمرا، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!.


هذان هما والداك..كم آثراك بالشهوات على النفس، ولو غبت عنهما صارا في حبس، حياتهما عندك بقايا شمس،لقد راعياك طويلا فارعهما قصيرا: "وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً".

كم ليلة سهرا معك إلى الفجرِ، يداريانك مداراة العاشق في الهجرِ، فإن مرضت أجريا دمعا لم يجر، لم يرضيا لك غير الكف والحجر سريرا فـ : (قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).

يعالجان أنجاسك ويحبان بقاءك، ولو لقيت منهما أذى شكوتَ شقاءك ،كم جرعاك حلوا وجرعتهما مريرا ، فهيا برهما ولا تعصهما وقل:"رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً".

قال رجل لعمر بن الخطاب: "إن لي أمًّا بلغ منها الكبر، أنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية "أي أنه يحملها إلى مكان قضاء الحاجة"فهل أديت حقها؟ قال عمر: لا؛ لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تفعله وتتمنى فراقها".

وشهد عبد الله بن عمر رجلاً يمانيًّا يطوف بالبيت قد حمل أمه على ظهره يقول:

إني لها بعيرها المذلل.. ... ..إن أذعرت ركابها لم أذعر

الله ربي ذو الجلال الأكبر

حملتها أكثر مما حملت .. .. .. فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟

فقال ابن عمر: لا ، ولا بزفرة واحدة.

نعم فوالله لو قضى الأبناء ما بقي من العمر في خدمة الأبوين ما أدوا حقهما ،فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه".

 حق الأم عظيم

حديث (من أحق الناس بحسن صحابتي) 

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟

 قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ

 أبُوكَ"(البخاري).

 أمر الله -سبحانه وتعالى- وأوجب على المسلم برّ والدَيه وعدم عقوقهما، وفي هذا الحديث جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستفسر عمن يستحق إحسانه، فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بمن هو أحق بالفضل والإحسان، فذكر برّ الأم ثلاث مرات متتالية ثم ذكر الأب، ومعنى هذا أن الإحسان للأم يكون ضِعف الإحسان للأب؛ وذلك لما تلقاه الأم وتنفرد به من صعاب في الحمل والرّضاع والفطام.

لأمــك حــق لــو عـلـمـــت كـبـيـر كـثيـرك يا هــذا لديه يســيـر

فكــم ليـلة بـاتت بـثقلك تشتـكي لهــا مـن جـواهــا أنةٌ وزفيــر

وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فكـم غصص منها الفؤاد يطير

وكم غسـلت عنـك الأذى بيمينها وما حجرهــا إلا لـديك سريــر

وتفديـك مما تشتكيــه بنفســهـا ومـن ثديها شــرب لديك نمير

وكـم مــرة جـاعت وأعطتك قوتها حنــوًا وإشفــاقًا وأنت صغيـــر

فــضيـعـتها لمــا أسنــت جـهـالة وطــال عليك الأمـر وهو قصير

فــآها لــذي عقــل ويتبع الهــوى وآها لأعمى القلب وهو بصير

فدونك فارغـب في عميم دعائها فأنت لمـا تدعــو إليــه فقـيــر 

فلما كان هذا حالها، حض الشرع على زيادة برها، ورعاية حقها،"وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"(لقمان:14).

وجاء رجل إلى سيد الأبرار الأطهار فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:" أمك ". قال: ثم مَن؟ قال:" أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك".( البخاري ومسلم ).

الخطبة الثانية

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام عليرسول الله صلي عليه وسلم أمابعد فياجماعة أما بعد

الجنة تحت أقدام الوالدين 

من أكرمه الله بحياة والديه أو أحدهما فقد فتح له بابا إلى الجنة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة..".

وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أردت الغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها"(أحمد).

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما: "دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت : من هذا؟ فقيل:حارثة بن النعمان،فقلت كذلكم البر، كذلكم البر". وكان حارثة أبر الناس بأمه.

الجزاء من جنس العمل:

إن بعض الآباء يشكون قسوة الأبناء وعقوقهم ، والحق أن الجزاء من جنس العمل فمن بر والديه بره أبناؤه، ومن عق والديه عقه أبناؤه ولابد.فإن أردت أن يبرك أبناؤك فكن بارا بوالديك،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم..".

وانظر إلى الخليل إبراهيم حين تأدب مع والده وتلطف في دعوته فقابل الأب هذا الأدب بمنتهى القسوة ، ما كان من إبراهيم إلا أن قال: "سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً)"(مريم: من الآية47) ،

فكان جزاؤه من جنس عمله ،رزقه الله ولدا صالحا ،إسماعيل الذي تأدب معه حين أعلمه أنه أُمر بذبحه فقال:" يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ"(الصافات: من الآية102)

ثم لفتة أخرى ينبغي أن ينتبه إليها الأبناء وهي أنهم لن يجدوا من الخلق مَن هو أرحم بهم من الوالدين، لا زوجة ولا أبناء ، ولا أصدقاء ،

برهمها بعد موتهما 

ولا يقف البر بهما في حياتهما، ولا ينتهي بموتهما، بل تبقى حقوق البر على الابن بعد موت والديه لمن أراد الخير.. فمن ذلك:

1- الاستغفار لهما والدعاء:

كما قال صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له".(مسلم).

وفي الحديث:"ترفع للميت بعد موته درجة. فيقول: أي رب! أي شيء هذه؟ فيقال: ولدك استغفر لك"(أحمد والبخاري).

2- التصدق عنهما:

وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم:"إن أمي توفيت أينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: نعم. قال: فإن لي مخرفا فإني أشهدك أني قد تصدقت به عنها".

ويروى عن أبي أسيد الساعدي قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله! هل بقي من بر أبويَّ شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال: نعم؛ الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما"(ضعيف الجامع). 

وعن أبي بردة قال: قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال: أتدري لِمَ أتيتك؟ قال: قلت: لا. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده، وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاءً وود، فأحببت أن أصل ذلك".(ابن حبان).

معنى بر الوالدين برّ الوالدان أي السمع والطاعة لهما، وعدم رفض أوامرهما، وتقديم المعروف والإحسان لهما، مع تحرّي إرضائهما بما يريدانه في غير إثم ولا معصية،

وقد سُئل الإمام الحسن البصري -رحمه الله- عن معنى بر الوالدين فقال: "أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك به، إلا أن يكون معصية".

 من صور بر الوالدين صور برّ الوالدين كثيرة جداً، ومنها:

 أن يردّ الابن عليهما ويفعل ما يأمرانه به. الكلام معهما بصوتٍ هادئٍ وعدم التأفّف أو رفع الصوت عليهما. طلب الإذن منهما عند الذهاب وخاصة إذا أراد الابن السفر بعيداً. تخصيص مبلغ من المال وإنفاقه عليهما حتى لا يحتاجا إلى الغير. تخصيص جزء كبير من الدعاء للوالدين. آيات وأحاديث عن بر الوالدين آيات عن بر الوالدين جاء ذكر بر الوالدين وأهمية الإحسان إليهما في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، ومنها:

قوله -تعالى-: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"(لقمان/14).

أحاديث عن بر الوالدين ثبت في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة عن بر الوالدين، منها ما يأتي:"رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ"(مسلم).

سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي"(البخاري). 

قال صلي الله عليه وسلم :"الوالدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ فأضع ذلِكَ البابَ أوِ احفظْهُ"(الترمذي).

قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم:

 "نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارىء يقرأ ، فقلت: من هذا؟ .. قالوا: هذا حارثة بن النعمان. فقال لها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "كذاك البر، كذاك البر "، وكان أبر الناس بأمه".وكان من بر حارثة بأمه كما ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها أنه كان يطعمها بيده، ولم يستفهمها كلامًا قط تأمر به، حتى يسأل مَن عندها بعد أن يخرج: ماذا قالت أمي؟.ونال هذا الصحابي البار بأمه شرف رؤية أمين الوحي سيدنا جبريل عليه السلام مرتين، فيحكي لنا حارثة بن النعمان فيقول: "رأيت جبريل من الدهر مرتين :يوم الصورتين " موضع بالمدينة " حين خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني قريظة، مر بنا في صورة دحية، فأمرنا بلبس السلاح .ويوم موضح الجنائز حين رجعنا من حنين ، مررت وهو يكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم أسلم.فقال جبريل: من هذا يا محمد؟ قال: "حارثة بن النعمان ، فقال: أما إنه من المائة الصابرة يوم حنين الذين تكفل الله بأرزاقهم في الجنة، ولو سلم لرددنا عليه

google-playkhamsatmostaqltradent