
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا
اللغة العربية لغة القرآن الكريم
حال السلف الصالح مع القرآن
حال الأعداء مع اللغة العربية
واجبنا نحو لغتنا (لغة القرآن)والحفاظ علي الهوية
هل خطبة الجمعة تصح بالعامية أم لاتصح ؟
الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا محمدا رسول الله القائل :" الذي ليس في قلبه شيء من القرآن كالبيت الخرب "
اللهم صلاة وسلاما عليك ياسيدي يارسول الله أما بعد فياعباد الله
قال تعالى:"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"(يوسف: 2)،
وقال تعالى: "وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا"(طه: 113)،
وقال تعالى:"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِين بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ"(الشعراء: 193-195)،
لغة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ فهي أغنى اللغات بالمفردات والمترادفات؛ لها عذوبة في اللفظ ونغم في النطق وجمال في الحديث؛ يقول الشافعي -رحمه الله-: "أوسعُ الألسِنة مذهبًا، وأكثرُها ألفاظًا، ولها مكانتُها العُظمى في هذا الدين".
وقال أحد العلماء: "إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغاً عنه الكتاب والحكمة بلسان عربي، ولم يكن من سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، فصارت معرفته من الدين".
وقال شعبة: "تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل".
فلقد اختار الله جل وعلا العرب ليصطفي منهم رسوله الخاتم ﷺ ، وينزل بلسانهم كتابه المعجز المتعبد بتلاوته إلى قيام الساعة
هي السراج الوهاج: لا ريب أن اللغة العربية شهادة الأجيال الناطقة، وإشراقة الدنيا الصادقة وزهرة التاريخ العابقة، ومزنة النور الوادقة؛ إنها السراج الوهاج الذي يضيء المجتمعات العاشية والينبوع الذي ترتوي منه العقول الصادية.
لغةٌ إذا وقعَت على أسماعنا
كانت لنا بردًا على الأكبادِ
ستـظلُّ رابطةً تُؤلِّفُ بيننا
فهي الـرجاءُ لناطقٍ بالضادِ
وإذا طلبتَ من العلومِ أجلَّها
فأجلُّها منها مُقيمُ الألسُنِ
يتحدث بها الملايين من سكان الأرض: أصحبت اللغة العربية ملءُ الأسماع وملءُ القلوب، يتحدث بها مئات الملايين منْ سكان هذه الأرض، وتهوي إليها قلوب آلاف الملايين منَ المسلمين؛ لأنَّها لغة القرآن، قال تعالى:"لَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ"(الأنبياء:10 ).
عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه : عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ"(البخاري).
و عَنْ عَائِشَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ"(البخاري).
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"()..
و عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ"، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ:"هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ"(النسائي وابن ماجة والحاكم ).
وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ : " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ قَالَ : قُلْتُ فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ يَرُدَّهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَالذَّكَرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْلُقُ عَنْ رَدٍّ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ حِينَ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا : إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دُعِيَ إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"(البزار في مسنده ).
وما تأخرتْ الأمةُ الإسلاميةُ إلا يومَ أنْ تخلتْ عن هويتِهَا الإسلاميةِ ولسانِها العربيِّ، أمةُ الهاديِ تستحي أنْ تقولَ: إنّها مسلمةٌ، ولا تُمانعُ مِن حذفِ لسانِها العربيِّ في المحافلِ الدوليةِ، مستبدلةً إياهُ بما عجمَ وارطنَ، وصدقَ ربُّنَا إذ يقولُ :"أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ"(البقرة: 6 ).
و يقولُ عمرُ بنُ الخطابِ -رضي اللهُ عنه-: "نحنُ قومٌ أعزَّنَا اللهُ بالإسلامِ ، فإنْ ابتغينَا العزةَ بغيرِه أذلنَا اللهُ، أمةٌ راحتْ تلهثُ وراءَ الشرقِ والغربِ وتركتْ هويتَهَا لذا أدركَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- هذه الحقيقةَ، وحذرَ منها غايةَ التحذيرِ كما في البخاريِ ومسلمٍ من حديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ ..." هل هذه هي أمةٌ دستورُها القرآنُ ..، ونبيُّهَا المصطفي العدنانُ .. ولغتُهَا أغنى اللغاتِ !!!
ما الذي غيَّرَهَا وما الذي بدَّلَها؟ ما الذي حدثَ؟ وما الذي جرى ؟
أمةٌ ذُلتْ بعدَ
عزةٍ..!!وضعفتْ بعدَ قوةٍ..!!وجَهلتْ بعدَ علمٍ ..!!.
حال السلف الصالح مع القرآن
عباد الله :" روي أن كاتباً كتب إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- خطابا لعمر فبدأه بقوله: “من (أبو) موسى”؛ فكتبَ إليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “أن اضرِبه سَوطًا، واستبدله بغيره”.
كان الحسنُ البصريُّ -رحمه الله- يقول:"ربما دعوتُ فلَحَنتُ؛ فأخافُ أن لا يُستجابَ لي
ورويَ عن الأصمعيِّ قال: كنتُ أقرأُ سورةَ المائدةِ ومعي أعرابيٌّ، فقرأتُ هذه الآيةَ:" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".(المائدة: 38) .
فقلتُ: " واللهُ غفورٌ رحيمٌ " سهوًا، فقال الأعرابيُّ: كلامُ مَن هذا؟ فقلتُ: كلامُ اللهِ، قال: أعدْ، فأعدتُ: " واللهُ غفورٌ رحيمٌ "، ثم تنبهتُ، فقلتُ: (واللهُ عزيزٌ حكيمٌ) فقال: الآن أصبْتَ، فقلتُ: أتحفظُ المائدةَ؟ قال: لا . فقلتُ: كيف عرفتَ؟ قال: يا هذا (عزيزٌ حكيمٌ) فأمرَ بالقطعِ، فلو غفرَ ورحمَ لما أمرَ بالقطعِ. انتهى. فقد فهمَ الأعرابيُّ الأميُّ أنّ مقتضى العزةِ والحكمةِ غيرُ مقتضى المغفرةِ والرحمةِ، وأنّ اللهَ تعالى يضع ُكلَّ اسمٍ موضعَهُ من كتابهِ. " ( تفسير المنار).
حال الأعداء مع اللغة العربية
عباد الله :"
لقد صرح الأعداء بعداوتها وخططوا لمحوها من عقول أبنائها، وقد قال قائلهم: “إننا لن ننتصِرَ على المُسلمين ما دامُوا يقرؤون القرآنَ، ويتكلَّمون العربيةَ؛ فيجبُ أن نُزيلَ القرآنَ من وجوهِهم، ونقتلِعَ العربيةَ من ألسِنَتهم”، وهنا يتبين عظيم مكرهم بلغتنا ومخططهم لطمسها وأعلنوا عليها حربا ضروسا وأنفقوا لتحقيق أمانيهم الغالي والنفيس، ولكن الله خيب آمالهم وأفشل مخططاتهم .
أو بترك العناية بها وتغييب دورها في المناهج التعليمة؛ فينشأ جيل لا صلة له باللغة العربية؛ سوى مجرد الانتساب إليها، وحينها لا يعرف عقيدته الصحيحة ولا يفرق بين الحق والباطل؛ فتخسر الأمة أصلا من أصولها ولبنة من لبناتها التي ترتكز عليها حضاراتها وتستقي منها ثقافاتها.
ولما كانت هذه هي منزلة العربية من دين الإسلام؛ فإن أعداء الملة كرسوا حربهم لها، وسلقوا ألسنتهم بتحقيرها وتصغيرها، وسنوا أقلامهم لنقدها وعيبها؛ لأنها لسان القرآن وبيانه، ولعلمهم أنها وعاء الإسلام وشعاره، فتنفير الناس منها، وصرفهم عنها، ما هو إلا صرف عن كتاب الله تعالى، وعن دين الإسلام.
لقد اشتدت على لغة القرآن حربهم، وتنوعت أساليبهم ووسائلهم، وما وهنت
عزيمتهم، ولا يئسوا من تحقيق مرادهم، وكان من محاولاتهم البائسة ادِّعاؤهم صعوبة
العربية، ودعوتهم إلى إصلاحها والتعديل عليها، فمنهم من دعا إلى إلغاء الإعراب
وتسكين أواخر الكلمات، ومنهم من دعا إلى تدمير قواعد الكتابة، وقال قائلهم في ذلك:
إن سبب تراجع الأمة العربية تمسكها بالتشديد والتنوين.
حال الدول مع لغاتها
اليهود قد أخرجوا عبريتهم من قبرها، وأحيوا مواتها، وجعلوها اللسان الوحيد بينهم، وارتضوها لغة التدريس لطلابهم، حتى في المواد العلمية والتجريبية لا يدرسونها لأولادهم إلا بالعبرية.
واليابانيون الذين بلغوا من التقدم ما بلغوا حافظوا على لغتهم، وجعلوها لغة العلم في بلادهم، وترجموا كتب الغربيين إليها، ولم يفرضوا اللغات الغربية على طلابهم.
وهكذا فعل الكوريون، وهم في الصناعة والتقنيات ما تعلمون، وأما الصينيون فأمرهم عجب؛ إذ ما يصدر اليوم كتاب علمي في الغرب إلا وينبري له المترجمون ليطبع من الغد باللغة الصينية.
أيغار اليهود وأهل الصين واليابان وكوريا على لغاتهم، ويحافظون على ألسن طلابهم، مع أن لغاتهم لا تساوي شيئا أمام لغة القرآن في مفرداتها، وجُملها، وبلاغتها، واستيفائها لحاجات العصر ومصطلحاته ومتطلباته؛ ويتنكر العرب للغتهم العرباء التي اختارها الله تعالى لهم، وأنزل كتابه بها؟! فيزاحمونها باللغات الأجنبية بحجة التقدم والتطور، واستيفاء حاجات العصر.
كيف يفعلون ذلك وهم يرون أن البلاد العربية التي زاحمت عربيتها باللغات الأجنبية ما أفلحت ولا تقدمت؟ ويرون أن البلاد الوثنية التي تقدمت في الشرق قد حافظت على لسانها، وطوعت العلوم للغاتها، وما ضرها ذلك!.
ومن تعلم منذ صغره لغة حتى أضحت لغته الأولى فلا بد أن يتعلم جذورها وثقافتها وتاريخ أهلها، فينتمي إليهم ولو لم يكن من بلادهم، وكثير ممن نشؤوا من أبناء المسلمين على ألسن الغرب ولغاتهم كان ولاؤهم إليهم أكثر من ولائهم لأمتهم وبلدانهم.
واجبنا نحو لغتنا (لغة القرآن)
عباد الله :" اعرفوا فضل لغتكم، ومكانتها من دينكم، وقوِّموا بها ألسن أولادكم؛ فإنها لغة القرآن، ولغة الصلاة والعبادة، وكان السلف يعتنون بها، ويؤدبون أولادهم على اللحن فيها.
وأعلموا أنها باب من أبواب عزكم، فإياكم إياكم أن تفرطوا فيها! فإنكم مسئولون يوم القيامة عنها كما قال تعالى: "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ"(الزُّخرف:43-44).
الحفاظُ على هويتِنَا العربيةِ ، ولا بدَّ من النظرِ إلى اللغةِ
العربيةِ على أنّها لغةُ القرآنِ الكريمِ والسنةِ المطهرةِ، ولغةُ التشريعِ
الإسلاميِّ، بحيثُ يكونُ الاعتزازُ بها اعتزازًا بالإسلامِ وتراثهِ الحضاريِّ
العظيمِ، فهي عنصرٌ أساسيٌّ من مقوماتِ الأمةِ الإسلاميةِ والشخصيةِ الإسلاميةِ،
والنظرُ إليها على أنّها وعاءٌ للمعرفةِ والثقافةِ بكلِّ جوانِبِهَا، ولا تكونُ
مجردَ مادةٍ مستقلةٍ بذاتِهَا للدراسةِ؛ لأنَّ الأمَّةَ التي تُهملُ لغتَهَا أمةٌ
تحتقرُ نفسَهَا، وتفرضُ على نفسِهَا التبعيةَ الثقافيةَ.
الحفاظ عليها من التحريف وحمايتها من الجاهلين: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم:"يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين"(البيهقي).
ولنعلمَ تمامَ العلمِ واليقينِ أنّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى حافظٌ كتابَهُ ودينَهُ . قال تعالى:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر: 9).
تربية أبناءنا على اللغة العربية: يجب علينا أنْ نربيَ أولادَنَا على منزلةِ ومكانةِ اللغةِ العربيةِ لغةِ القرآنِ الكريمِ ، وأنْ ندرَّبَهم ونعودَهُم عليها ؛ لأنّه لا غنى لنا عنها، كما يجبُ أنْ نعتزَّ بها لا بغيرِهَا ، وعلينا أنْ نعلمَ أنَّ اللغةَ بحرٌ لا تكفي السباحةُ فيه، بل أنْ نغوصَ في مكنونِهِ، ونستخرجَ منه المعاني الجميلةَ والبديعةَ التي تصنعُه وتلبسُه لباسًا جذابًا.
عقاب من يتكلم بغيرها: قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: مَنْ تكلّم في مسجدنا بغير العربية أُخرِجَ منه.
فلغة القرآن العربية ولغة أهل الجنة هي العربية فلماذا أعرضنا عنها واتجهنا للعامية وللغات الأخري؟
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
هل خطبة الجمعة تصح بالعامية أم لاتصح ؟
عباد الله :" ينبغي أن تكون الخطبة فصيحة بليغة، خالية من الألفاظ المبتذلة والعامية.
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى اشتراط كون الخطبة بالعربية ولو كان المصلون كلهم عجماً لا يعرفون العربية، وذلك لأن قراءتها على ذلك النحو أمر تعبدي.
قال النووي في المجموع: فرع: هل يشترط كون الخطبة بالعربية؟ فيه طريقان: أصحهما وبه قطع الجمهور يشترط لأنه ذكر مفروض فشرط فيه العربية كالتشهد وتكبيرة الإحرام، مع قوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي". وكان يخطب بالعربية.
وأضاف النووي:"يستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبينة من غير تمطيط ولا تقعير، ولا تكون ألفاظاً مبتذلة ملفقة، فإنها لا تقع في النفوس موقعاً كاملاً، ولا تكون وحشية، لأنه لا يحصل مقصودها، بل يختار ألفاظاً جزلة مفهمة".
والثاني: مستحب ولا يشترط لأن المقصود الوعظ وهو حاصل بكل اللغات.ا.هـ.
وذهب الأحناف إلى عدم اشتراط الخطبة بالعربية، وبمذهبهم قال مجمع الفقه الإسلامي حيث قالوا: إن الرأي الأعدل الذي نختاره هو أن اللغة في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بالعربية ليست شرطا لصحتها، ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تتضمنه من آيات قرآنية باللغة العربية لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن؛ مما يسهل عليهم تعلمها وقراءة القرآن باللغة التي أنزل بها، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم وينورهم به بلغتهم التي يفهمونها.ا.هـ.
فعلى قول جمهور الفقهاء لا يصح أن تلقى الخطبة أو بعضها بغير العربية؛ لكن يجوز ترجمتها ولو من غير الخطيب، والأولى أن تكون الترجمة بعد الصلاة خروجا من خلاف العلماء في اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة، هذا مذهب الجمهور وهو الأولى. أما على قول أبي حنيفة فيصح أن يخطب بغير العربية فيخطب الخطيب الخطبتين بغير العربية ثم يصلون.
ولذا فعلى الخطيب أن يُعْرِض عن الألفاظ العامية ما استطاع، سعياً في الارتقاء بالناس إلى فهم فصاحة القرآن وبلاغته....