recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 

 يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ 

معني الآية وسبب النزول

  الحدُّ الأدنى في فهم هذه الآية 

المعاني المستنبطة من قوله :"خُذُوا زِينَتَكُمْ"

أحكام اللباس الحلال وحد الزينة

تحميل الخطبة pdf

تحميل الخطبة word

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً له الدين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد فياعباد الله يقول الله تعالي:"يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"(الأعراف: 31).

أيها الإخوة: دين الإسلام دين الجمال والنظافة، ولقد اِمتَنَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ اللباس وَالرِّيَاشِ؛ فاللباس لستر العورات وهي السوءات، وَالرِّيَاشُ أَوَ الرِّيشُ: مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ ظَاهِرًا، فَالْأَوَّلُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ، وَالرِّيشُ مِنَ التَّكَمُّلَاتِ وَالزِّيَادَاتِ؛ فقال:"يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً"(الأعراف:26)، وحث المسلم على الظهور بالمظهر الطيب الجميل في ملبسه ومسكنه وهندامه أمام الآخرين؛

 فقال سبحانه:"يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ"(الأعراف:31).

معنى الآية إجمالًا: يا بنى آدم: خذوا زينتكم من اللباس المادي الذي يستر العورة، ومن اللباس الأدبي وهو التقوى، عند كل مكان للصلاة، وفى كل وقت تؤدون فيه العبادة، وتمتعوا بالأكل والشرب غير مسرفين فى ذلك، فلا تتناولوا المحرم، ولا تتجاوزوا الحد المعقول من المتعة، إن الله لا يرضى عن المسرفين.

قال الشيخ أبو زهرة: وقوله تعالى:"خُذوا زِينَتَكمْ عندَ كلِّ مَسْجد"، معناه البسوا لباسًا يكون فيه زينة وتجمل لكم، وإن ذلك لتكون المساجد نظيفة دائمًا، ويحسن فيها الطيب ليكون فيها أريج تطيب له الأنفس وتقبل عليه جموع المصلين، وإن ذلك يوجب أمرين. أحدهما - لستر العورة باللباس السابغ الطيب الذي هو زينة في ذاته.

ثانيهما - أن يكون ثمة تجميل، وقد حسَّن النبي صلي الله عليه وسلم  التجمل عند دخول المساجد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجمل في ثيابه، ولا يتبذل فيها، وخصوصًا في المسجد، وعند استقبال الوفود .

سببُ النزول: أنَّ أهل الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت عُراة؛ الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكان بعضهم يحرم الطعام الدسم في الحج، فأنزل الله هذه الآيات.

والغَرَض الذي سِيقَتْ له: هو الرد على المشركين فيما كانوا يتعبدون به من الطواف بالبيت عراة وترك أطايب الطعام

ومناسبتها لما قبلها: أنه لَمَّا حكى عنهم أنهم كانوا إذا فعلوا فاحشةً؛ كالشرك، والطواف عراة، قالوا: وجدنا عليها آباءنا، واللهُ أَمَرَنا بها، ولما رد الله باطلهم أَمَرَ جميع بني آدم أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد، وإنما افتتح بقوله: يا بَني آدم، ليذكِّر بني آدم بما فعله الشيطان بأبيهم؛ حتى لا ينخدعوا بغروره في التحليل والتحريم ونحوه، وليعم الخطاب.

والمراد بـ(الزينة): ما يتزين به الناس من الملبوس وما يستر العورة، والتعبير بـ(الزينة) لتهجين عمل المشركين.

والمراد بـ(المسجد) قيل: وقت السجود، وقيل: مكان السجود، وليس المراد خصوص المسجد الحرام، وإن كان هو السبب، بل يعم كلَّ مسجد؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإذا سُتِرَت العورة عند كل مسجد دخل في ذلك الصلاة والطواف.

الحدُّ الأدنى في فهم هذه الآية 

لكن الحد الأدنى من فهم هذه الآية: أن ترتدي ثياباً لا تؤذي بها أحداً في المسجد، يعني القصاب له ثياب خاصة، يرتديها أثناء العمل، الدابة فيها دم، فيها دهن، والدهن له رائحة، والحداد له ثياب خاصة، ثياب زرقاء، وعليها شَرَر، وعليها رائحة الفحم، وكل حرفة لها ثياب، لا ينبغي أن تأتي بهذه الثياب إلى المسجد، لأن هذه الثياب تؤذي من حولك، فالحد الأدنى في الفهم لهذه الآية: أن ترتدي ثياباً لا تؤذي مصلياً، أن تكون نظيفة، وأن تكون ساترة، وأن تكون إلى حد ما جميلة.

وبعد أيها الإخوة: لا أدري كيف يغيبُ عنا الاهتمام بمظهرنا وهذا هوديننا.. وهذا هدي رسولنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فنرى في شوارعنا ومساجدنا وأسواقنا مظاهر لا تليق: فنجد من يلبس السراويل القصيرة فوق الركبة أو النازلة إلى منتصف الورك والتي قد تظهر بعض العورة..

 ونجد من يلبس القمص أو الفنايل التي يبدو منها الإبط ومعظم الكتف، وبعض الظهر والبطن، ومن يأتي للجمعة بملابس النوم، ونرى من يتزيا بزي الكفار فيلبس ملابس عليها شعارات الكفار، مثل صور الصلبان أو معابد شركية أو كتابات أعجمية سيئة المعنى قد لا يفقهها كثير ممن يلبسها، ولو علم معناها لرماها تحت قدميه.

ومن المسلمين من لا يهتم برائحة جسده وملابسه فيأكل الثوم والبصل وغيرها مما له رائحة كريهة ويأتي للمسجد، وربما نسي تنظيف جسده وتغيير جواربه فأصبح منتن الريح لا يحتملُ رائحتَه أحدٌ من البشر، فكيف يفد هذا إلى بيت الله المليء بالمسلمين والملائكة؟! ورَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَالَ: "مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ"(مسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-)، وكل أكل أو غيره له رائحة كريهة مثلها.

بل قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ"(النسائي).

المعاني المستنبطة من قوله :"خُذُوا زِينَتَكُمْ"

عباد الله :" المعاني التي يمكن أن نستنبطها من هذه الآية كثيرة منها:

 الاغتسالُ ولُبسُ الثياب النظيفة المتناسبة :

 أن ترتدي ثياباً جديدة ونظيفة إذا أتيت إلى بيت من بيوت الله، لذلك النبي  صلي الله عليه وسلم  كان له ثياب يرتديها في المناسبات، وفي المسجد، وحينما يلتقي الوفود، وكل إنسان مؤمن، والمؤمن سفير الإسلام، يمثل الدين، إذا دُعي إلى حفل، إذا جاء إلى المسجد، وكان ثيابه نظيفة، أقول: نظيفة، أقول: ألوانها معقولة فقط، أنا لا أطالبك بأكثر من ذلك، أنت مسلم، أحياناً تناسب الألوان، والألوان الهادئة، والثياب التي ليس فيها تقليد للغرب، الآن هناك من يشتري ثياباً فيها صور، فيها كلمات بالإنكليزية، لو يعلم الذي اشترى هذه الثياب ماذا تعني هذه الكلمات لخرج من جلده خجلاً:" لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم "(الحاكم).

 التستُّر وعدم التعرِّي :

  كان الناس قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم  يطوفون بالبيت عُراةً، فحُملت هذه الآية على أن نرتدي ثياباً تستر عوراتنا، يعني دائماً البشر فريقان، فريق يبالغ في الستر، وهم المؤمنون، وفريق آخر يبالغ في التعري وهم الفسَقة، والشيطان يأمر بالتعرّي .

"يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ"(الأعراف/27).

 فكلما اقتربت من أهل الإيمان كانت الثياب سابغة، وساترة، فحملوا هذه الآية أن ترتدي ثياباً فضلاً عن أنها نظيفة ومعقولة، أن ترتدي ثياباً تستر عورة الإنسان 

 الزينةُ هي الطيبُ :

 وبعضهم قال: " الزينة هي الطيب " ، وطِيب الرجال له رائحة، وليس له لون، بينما طِيب النساء له لون وليس له رائحة، لأن المرأة إذا تعطّرت وخرجت من بيتها، ولفتت النظر برائحتها الفواحة تلعنها الملائكة حتى تعود .يقول صلي الله عليه وسلم :أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية "(الحاكم وصححه).

وتمتد عناية الإسلام بالمسلم حتى في نظافته ونظافة ما يلبس حسنه وحسن رائحته، وأكد عليها في مواطن الاجتماع للصلوات والمناسبات وفي أوقات الجُمع والعيدين.

تخصيص المكان والوقت للبس الزينة 

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَاأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَأَى عَلَيْهِمْ ثِيَابَ النِّمَارِ -جمع نمرة وهي بردة يلبسها الأعراب-؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ سَعَةً أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ"(ابن ماجه).

غُسل الجمعة واجب، يعني أنا أريد أن أقول باختصار: لماذا الجانب الجمالي ضعيفًا في حياة المسلمين؟ مع أنهم أتباع سيد الخلق، وحبيب الحق، وكان يُعرَف بريح المسك، وكان يعتني بثيابه، وكان يقول:"فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ" على كلٍ، من معاني هذه الآية أن تأتي إلى بيت من بيوت الله بزينة، قالوا: الزينة الثياب النظيفة .

 وقد حدثني أخ قال لي:" أنا مغرم بحضور الدروس في المساجد، حضر درساً، وفي نهاية الدرس أُقيمت الصلاة، فلما سجد شم رائحة من جورب الذي أمامه خرج منها من جلده، قال لي:"والله ما عدت آتي إلى هذا المسجد من شدة انزعاجي".

ويظهر من هذا التوجيه النبوي مشروعيةُ تخصيصِ بعضِ الملابس للخروج للصلاة، وبعضِها للعمل، وأهميةُ الحفاظِ على نظافة الملابس التي يلبسها للمسجد؛ لأن العملَ يؤثرُ على الملابس، ويدخل في ذلك استحباب يخصص بعضِ الملابس للزيارة والمناسبات الاجتماعية العامة. وأن يهتم المسلم بنظافة ملابسه؛ فقد رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ: "أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ"(أبوداود).

 وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:"إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ"(أبو داود ).

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد  

أحكام اللباس الحلال وحد الزينة

فياعباد الله :"  لوتحدثنا  عن اللباسِ والزينةِ وأحكامِها لطال بنا الحديث لكن نذكر ببعض الأحكام المهمة..

اللباس الحلال والبعد عن اللباس المحرم :"

من ذلك لبسُ الحلال من اللباس والزينة والمظهر واجتنابُ المحرَّم، وقد استنكر الله سبحانه على من حرَّم تلك الزينة التي خلقها لعباده فقال:"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ"(الأعراف:32).

والأصل في اللباس الحِل إلا ما ورد من الشارع تحريمه، ومنها: تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال، فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:"أَخَذَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي"( أبو داود والنسائي وأحمد)

وَعَنْ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ بِالسُّوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْتَعْ هَذِهِ فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ، وَلِلْوَفْدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ"، قَالَ: فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْتَ: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ" أَوْ "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ"، ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تَبِيعُهَا وَتُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ"(مسلم).

وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فلَا يَلْبَسْ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا"(أحمد).

ويحرم تشبه المرأة بالرجل، والرجل بالمرأة؛

 فَقَد"لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ"(البخاري).

 و"لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ"(أحمد وأبو داود).

 وقد ذكر العلماء أن اللعن في الحديث يدل على أن التشبه من الكبائر، والحكمة من التحريم أن المتشبه والمتشبهَةَ كلاً منهما يُخرج نفسه عن الفطرة والطبيعة التي وضعها أحكم الحاكمين.

ويحرم لباس الشهرة 

أيها الإخوة: ومن المحرم من اللباس كذلك لبس ثياب الشهرة والاختيال؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ"( ابن ماجة). أَيْ: أَلْبَسَهُ اللهُ يَوْم الْقِيَامَة ثَوْبًا يُوجِبُ ذِلَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة، كَمَا لَبِسَ فِي الدُّنْيَا ثَوْبًا يَتَعَزَّزُ بِهِ عَلَى النَّاسِ، وَيَتَرَفَّعُ بِهِ عَلَيْهِمْ.. يَشْمَلُهُ بالذُلِ كَمَا يَشْمَلُ الثَّوْبَ الْبدنَ "ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ"؛ عُقُوبَةً لَهُ بنقيضِ فعلِه وَالْجَزَاءُ مِنْ جنسِ الْعَمَلِ.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَرْفَعُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ" زَادَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ "ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ"(أبو داود). والمقصود: بثوب الشهرة: ثوبٌ يقصدُ به الاشتهار بين الناس، سواءً كان الثوبُ نفيساً يلبسه تفاخراً بالدنيا وزينتِها، أو ثوباً خسيساً يلبسُه إظهاراً للزهدِ والرياءِ.. وهذا أمرٌ لا يحبُه اللهُ –تعالى:"وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"(الحديد:23)، ونهى المصطفى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عن جرّ الثوب خيلاء؛ فَقَالَ "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ"( البخاري ومسلم).

لكن لو ترك الفاخر من اللباس وهو يقدر عليه تواضعاً لله؛ فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الإِيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا"( أحمد).

والتوسط والاعتدال في الزينة المباحة مشروع؛ فقد قال الله -تعالى:"وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً"(الفرقان:67). قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ"(ابن ماجة).

ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار 

google-playkhamsatmostaqltradent