recent
أخبار عاجلة

الأقباط وأمن مصر

  


الأقباط وأمن مصر

 الإسلام لا يفرق بين أصحاب الأديان السماوية

 اختلاف العقيدة لا ينال من وحدة الدم 

أقباط مصر جزء أصيل من نسيجها الوطني 

الدستور المصري أرسي قواعد الإخاء بين جميع المصريين


     قبط مصر وهم سكان الأرض الأصليون ونسيج الشعب المصري ,وهم درعها الواقي جنباَ إلي جنب مع إخوانهم المسلمين ..وهم أصل المصريين كما وردعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولد لنوح سام وحام ويافث فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم وولد حام القبط والبربر والسودان"(رواه الطبري ج1/106وابن سعد في الطبقات 1/42-43).(البداية والنهاية 2/ 130).

 وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مصر أطيب الأرضيين ترابا، وعجمها أكرم العجم أنسابا " .

وقال بعض أهل العلم: لم يبق من العجم أمة إلا وقد اختلطت بغيرها إلا قبط مصر.

أقباط :جمع قبطي ,وهو اسم يدل علي ساكني وادي النيل المصريين وهي تعني سكان مصر القدماء, وعند دخول العرب لمصر اطلقوا علي المصريين لفظ الأقباط نسبة إلي قبط قبل دخول العرب إلي مصر كانت كلمة"قبط" تدل علي أهل مصر دون أن يكون للمعتقد الديني أثر علي هذا الاستخدام .إلا أنه بسبب كون المسيحية كانت الديانة السائدة بين المصريين الأصليين وقت دخول العرب المسلمين مصر فقد اكتسب الاسم كذلك بعدا دينيا تمييزا لهم عن العرب المسلمين، إذ كان المصريين القدامى وحدهم هم المسيحيين، حتي انحصرت كلمه قبطي علي مر العصور لتشير للمسيحيين في الأحاديث وكذلك في الخطاب الرسمي للدولة. الأقباط الآن هم أكبر أقليه مسيحية في الشرق الأوسط، ويتركز معظمهم في جمهوريه مصرالعربية إلي جانب ليبيا والسودان وأثيوبيا وبعض الدول العربية...

وفي الحقيقة أن الأقباط يؤثرون تأثيراَ مباشراَ في أمن مصر فمن أراد زعزعة الأمن بمصر نبش في ملف الأقباط والمسلمين كي يثير الفتن والقلاقل بينهم وبخاصة بين المغرضين والحاقدين الذين يريدون الكيد لهذا الوطن ودائماَ تجد أن يد المستعمر.. وراء أي فتنة أو شائعة لتحريك المياه الراكدة وإثارة الفتنة ..ولكن نقول لهم ولكل من يريد فرقة بين شعب مصر ومسلمي مصر وأقباطها :إن تعاليم الإسلام تقف حائلاَ بينكم وبين ما تريدون:"يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"(التوبة/32).

وقال تعالي: "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ   نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"(الصف/8). وقال تعالي:"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"(الأنفال/30).            

.وإلي هؤلاء من كان منهم بالداخل أو بالخارج نورد قول الشاعر: 

الدين للديان جل جلاله         لو شاء ربك وحد الأقواما

وإن الإسلام علمنا أن حرية العقيدة مبدأ أصيل من مباديء الإسلام السمح القويم ,أباحته الشريعة ,وعملت علي حمايته إلي أبعد الحدود ,فكل إنسان – طبقاَ لما جاء بكتاب الله العزيز-أن يعتنق من العقائد ما يشاء ,وليس لأحد أن يحمله علي ترك عقيدته أو اعتناق غيرها ,أو يمنعه من إظهارها والتعبد بها.

 ومن يرد توجيه غير المسلمين إلي العقيدة الإسلامية فعليه أن يستخدم في أسلوبه المنهج القرآني الذي وضح معالم الدعوة الإسلامية ,وبين آدابها في أكثر من أية منها قوله تعالي :"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "(النحل/125).   

وقال تعالي:"  وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا   وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"(العنكبوت /46).    

وعلي مدي تاريخ الإسلام لم نجد مسلماَ أكره ذميا َأو معاهداَ علي الإسلام ..وإن المسلمين الأولين كانوا حريصين كل الحرص علي ألا يكرهوا أحداَ ..وإنه ليروي في ذلك أن أحد الأنصار أراد أن يحمل ولديه علي الإسلام كرهاَ,فنهاه النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك.

ويروي أيضاَ أن عجوزاَ نصرانية قابلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحاجة عنده ,وبعد أن أداها دعاها إلي الإسلام بالحسنى فامتنعت فخشي عمر أن يكون في كلامه وهو الإمام القوي إكراه لها فقال :"اللهم إني لم أكرهها ثم تلا قوله تعالي:"لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "(البقرة/256).-(المجتمع الإنساني في ظل الإسلام /محمد أبوزهرة/98).

 الإسلام لا يفرق بين أصحاب الأديان السماوية:

وقد أرسي الحق تبارك وتعالي حرية العقيدة في آيات كثيرة وبينها بياناَ مفصلا َلا يشوبه الغموض وجاءت القاعدة الأساسية في حرية العقيدة في قوله تعالي:"  لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "(البقرة/256).

وجاء شيء من التفصيل لهذه القاعدة الكبري في قوله تعالي:"  وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "(يونس/99).

وقد تكرر هذا المعني في عدد من الآيات مثل قوله :"وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ"(النحل/9).وقوله تعالي:"وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً "(الشوري/8).

فإذا كان كذلك فإنه لا يجوز لأحد من الخلق أن يظن في نفسه القدرة علي هداية غيره ,ولا الحكم عليه ,ولو كان رسول الله ذاته.لذا خاطب الله سبحانه نبيه الكريم بقوله:"لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"(البقرة/272).

وجعل الله سبحانه عمل النبي صلي الله عليه وسلم محصوراَ في التبليغ والتذكير ,ونفي عنه أن يكون مسيطراَ علي الناس وفي ذلك يقول :" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ"(الغاشية/22,21).وقوله فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ"(الرعد/40).

 اختلاف العقيدة لا ينال من وحدة الدم :

   ومن هنا نعلم أن حرية العقيدة مكفولة في الشريعة الإسلامية والاختلاف في العقيدة لا ينال ولا يؤثر علي وحدة الدم والمصير وكما  ذكرنا أن المصريين جميعاَ هم أبناء وطن واحد ومصيرهم واحد ..فعندما جاء عمرو بن العاص فاتحاَ لمصر ,وضع أمام عينية الآية الكريمة :"  لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " والتزم بمبدأ التعددية الذي أرسته صحيفة "المدينة المنورة " وخاصة أنه وجد الأقباط يعانون من اضطهاد مذهبي مرير علي أيدي الرومان المسيحيين بسبب الخلاف حول الطبيعة الواحدة أو الطبيعتين للسيد المسيح عليه السلام .

وقد سجل التاريخ أن الأقباط قد ساعدوا المسلمين علي فتح مصر ورحبوا بهم لإنقاذهم من الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له علي أيدي الرومان ,وقد بادر عمرو بن العاص إلي إعادة البابا (بنيامين بطريرك الأقباط)إلي كرسيه بعد أن ظل هارباََ من الرومان في الصحراء لمدة اثني عشر عاماَ,كما أعاد للأقباط كنائسهم التي اغتصبها الرومان ,وخطب في أول جمعة صلاها بجامعه بالفسطاط قائلاَ:استوصوا بمن جاوركم من القبط خيراَ,فإن لكم فيهم ذمة وصهراَ,فكفوا أيديكم وعفوا ,وغضوا أبصاركم ".

ومنذ التقاء الإسلام والمسيحية علي أرض مصر ,عاش المسلمون والأقباط كأسرة كبيرة واحدة يسودها الحب والوفاء والإخلاص في كل مناحي الحياة ,وذلك باستثناء بعض عهود الضعف والتدهور التي كان الظلم فيها يقع علي الجميع (المسلمين والأقباط معاَ بلي استثناء) وأخرها العصر البائد عصر ما قبل ثورة 25يناير2011م .

والتاريخ يشهد علي أن المسلمين والأقباط منذ الفتح الإسلامي وهم نسيج واحد :"لاحظ الاستعمار البريطاني اللورد كرومر الاندماج التام بين المسلمين والأقباط فكتب يقول:"إنه لايوجد شيء علي الإطلاق يميز بين المسلم والقبطي في مصر لا في الشكل ولا في الزي ,ولا في العادات والتقاليد أو أسلوب المعيشة ,الشيء الوحيد الذي يميز بينهما هو أن المسلم يعبد الله في المسجد ,والقبطي يعبد الله في الكنيسة".

  وقد احترم الإسلام حرية العقيدة ,وقاتل من أجلها ,واعتبر الفتنة في الدين أشد وأكبر من القتل,وجعل الأساس في الاعتقاد أن يكون بالاختيار الحر الخالي من الإكراه بتعذيب أو تهديد..وأن يكون الاختيار سليماَ ليس فيه أي إغراء ,أو وسيلة ضغط .وأن يكون عن تفكير حر غير خاضع للتقليد ,أياَ كان من يقلده ,سواء كان الآباء الأولين , الأقوياء الحاضرين..وأن يكون حراًَ في العمل بمقتضي دينه ,فلا يمنعه اضطهاد من الظهور بدينه وإقامة شعائره ..(المجتمع الإنساني في ظل الإسلام /محمد أبوزهرة/97).

أقباط مصر جزء أصيل من نسيجها الوطني :

وهذا شأن الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرناَ من الزمان يوم سطعت الدعوة المحمدية علي شبه الجزيرة العربية بل علي العالم أجمع وحتي اليوم ,والمنهج الإسلامي يؤكد هذه الحرية فالنصوص من السنة علي ذلك كثيرة منها قوله صلي الله عليه وسلم :"من آذى ذميا فأنا خصمه".(الترمذي وابن ماجه وغيرهما).

وفي حديث آخر :"من آذي ذمياَ فقد آذاني ,ومن آذاني فقد آذي الله ".

وجاء في خطبة الوداع قول رسول الله صلي الله عليه وسلم :" يا أيها الناس إن ربكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم "ألا هل بلغت قالوا بلى يارسول الله قال فيبلغ الشاهد الغائب"(صححه الألباني).  ( حسن )

 وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة"(أبو داود).

عن عبد الله بن عمرو قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما"( صححه الألباني).            

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله لم يرح رائحة الجنة وريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما "( صححه الألباني).

والذمي هو: الذي يقيم مع المسلمين إقامة دائمة,وسموا ذميين لأنهم أقاموا مع المسلمين علي أساس أن لهم عهداَ وذمة,علي أن يكون لهم ما للمسلمين ,وعليهم ما عليهم .

والأصل أن المسلمين إذا دخلوا بلداَ وأقاموا فيه كانوا يعلنون أن من يرضون بالإقامة مع المسلمين علي أن يكون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم – ماعدا ما يتعلق بالدين- يكونون ذميين ما داموا لم يعترضوا علي ذلك,ويكون هذا بمثابة عقد بينهم وبين المسلمين.

والمستأمن هو:الذي يقيم مع المسلمين إقامة مؤقتة غير دائمة وقد ؟أوجبت العدالة الإسلامية صيانة مال المستأمن وصيانة نفسه ,فأموالهم مصونة وأرواحهم لا يعتدي عليها ,وكل حق للمسلم يثبت لهم ما داموا مستمسكين بشروط عقد الأمان ..قال صلي الله عليه وسلم :"..والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما "(الترمذي : حسن صحيح).

    وقد أوجب الإسلام للمشرك حق الجوار فما بالنا بغيره من أهل الكتاب..عن جابر بن عبدالله قال:". الجيران ثلاثة فجار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقا وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق فأما الذي له حق واحد فجار مشرك ولا رحم له له حق الجوار وأما الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم ."(البزار ).

والإسلام بسماحته أباح للمسلمين طعام أهل الكتاب ,كما أباح زواج المحصنات منهن (اليهود والنصاري)حتي لوظللن علي دينهن ,بل إن بعض الفقهاء يمنع علي الزوج المسلم أن يعرض الإسلام علي زوجته الكتابية بإلحاح حماية لحرية العقيدة,وكان أول دستور وضع للدولة الإسلامية يتضمن أن يعيش المسلمون وأهل الكتاب فيها علي السواء (لهم ما لنا وعليهم ما علينا).مع حريتهم الكاملة في أمور عقيدتهم مثل:أحوالهم الشخصية من زواج وطلاق وميراث ,وقضاء فيما بينهم علي ألا يكون  في شيء من ذلك تهجم أو اعتداء علي الإسلام أو المسلمين .

والمسلمون مأمورون بالتعامل مع الآخرين الذين يختلفون معهم في العقيدة أو في أي مستوي آخر ,بالبر والعدل طالما أن هؤلاء لم يعتدوا علي المسلمين والمبدأ القرآني في ذلك واضح كل الوضوح قال تعالي:"لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"(الممتحنة/8).    

ومن هنا لا يرضي الإسلام بالموقف الحيادي السلبي في أسلوب التعامل مع الآخرين ,بل يحض علي التعايش الإيجابي والتعامل علي أساس من البر والقسط .والبر مفهوم جامع لكل خصال الخير ,وحتي يحفز الإسلام المسلمين علي أن يعاملوا مع غيرهم بالقسط يقول القرآن في ختام الآية الكريمة:"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".    

الدستور المصري أرسي قواعد الإخاء بين جميع المصريين.

   إن الله سبحانه وتعالي يلفت النظر إلي أن النصاري هم أقرب أهل الكتاب مودة للمسلمين حيث يقول :"وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"(المائدة/83).

والرسول صلي الله عليه وسلم يوصي بأقباط مصر خيراَ

فعن كعب بن مالك.قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيراًَ فإن لهم ذمة ورحماَ "(صححه الألباني).

وعن أبي ذر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها ."(أحمد ومسلم). ‌  

 وعن ابن عباس قال لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "إن له مرضعاَ في الجنة ولو عاش لكان صديقا نبيا ولو عاش لعتقت أخواله القبط وما استرق قبطي" .(صححه الألباني).

وروى أن عبد الله بن عمر قال:"القبط أكرم الأعاجم محتداً، وأسمحهم يداً، وأفضلهم عنصراً، وأقربهم رحماً بالعرب كافة، وبقريش خاصة".

ومصرنا المحروسة –بلد الأزهر الشريف- تعتبر مثالاَ يحتذي به في مجال السماحة والتطبيق الفعلي لمبدأ حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية لا فرق بين مسلم وقبطي بل الكل سواء.

الدستور يقر الوحدة الوطنية:

وقد أقر الدستور المصري الصادر عام 1977م هذه الحرية بمقتضي المادة (46)التي تنص علي أن :"تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية ".

وتؤكد الممارسة العملية لما تضمنه الدستور نصاَ وروحاَ,حيث توجد المساجد والكنائس جنباَ إلي جنب ,وتدق الأجراس بالكنائس يوم الأحد  من كل أسبوع وفي المناسبات الدينية القبطية والأعياد بحرية تامة,كما يمارس الإخوة الأقباط شعائر دينهم بلا أي تضييق عليهم ,بل ويتم التزاور بين كبار الشخصيات الإسلامية والمسيحية الدينية والمدنية في الأعياد والمناسبات وبين الأصدقاء من المسلمين والأقباط ..التي تخص كلا الطائفتين في مودة واحترام متبادلين,وتراعي كل من الطائفتين مشاعر الأخري مراعاة تنم عن المحبة والإخاء والمشاركة في الوطن آماله وآلامه.

أما من ناحية المساواة في الحقوق والواجبات فقد حرص الدستور علي تسجيل الضمانات الأساسية التي تكفل هذه المساواة في أكثر من موضع ,فتنص المادة (8) علي ما يلي:"تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين بلا أي تمييز بينهم .وتؤكد المادة (40)هذا المبدأ ضمن الباب الثالث من الدستور تحت عنوان "الحريات والحقوق والواجبات العامة"حيث تقول:"المواطنون لدي القانون سواء ,في الحقوق والواجبات العامة لاتمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة".وتقرر المادة(58).علي أن:"الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس والتجنيد إجباري وفقاَ للقانون".

وتنص المادة(60)من الدستور علي أن الحفاظ علي الوحدة الوطنية وصيانة أسرار الدولة واجب علي كل مواطن .أما المادة(61)فجوهرها أن المواطنين سواسية فيما يتعلق بأداء الضرائب والرسوم بأنواعها.ويتضمن الباب الخامس من الدستور المادة(73).تحت عنوان: "نظام الحكم"رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية يسهر علي تأكيد سيادة الشعب ,وعلي احترام الدستور ,وسيادة القانون"وحماية الوحدة الوطنية".ولعل في نص الوحدة الوطنية ما يؤكد ضرورة صيانة الارتباط الوثيق بين عنصري الأمة من المسلمين والأقباط.

كما أن الدستور المصري كفل حق تولي المناصب والترشيح لمجلسي الشعب والشوري وغيرهما فالقانون لا يفرق بين مسلم وقبطي في تولي الوظائف العامة.وليس هناك تفرقة بين مسلم وقبطي في القوات المسلحة أو جهاز الشرطة بل الكل يعمل من أجل مصر ورفعتها واستقرارها فالكل أبناء مصر يعيش علي أرضها ,ويشرب من نيلها ,ويستظل بسمائها وينعم بخيرها ويرقي برقيها ويهنأ بعيشها ..حتي ومن ترك الوطن سعياَ للرزق يحمل نفس المشاعر والأحاسيس ..فالجميع في مصر كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمي.

والجميع في مصر أو خارجها يعلم أن أقباط مصر هم جزء أصيل من نسيجها الوطني ,مواطنون شرفاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا حقوقهم مصونة لأنها حقوق كل مصري ,شركاء أصلاَ في وطن يعتنق السماحة والرحمة والانتماء والمواطنة وأن الدين لله والوطن للجميع.

 

google-playkhamsatmostaqltradent