recent
أخبار عاجلة

نعمة الصحة ووجوب المحافظة عليها


 نعمة الصحة ووجوب المحافظة عليها

        عناية الإسلام بالصحة

       منهج الإسلام في حفظ الصحة

        الوقاية خير من العلاج.

        الإسلام والحجر الصحي.

        الأخُذُ بِأسْبَابِ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ.

الحمد لله رب العالمين ..وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه ..وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وعلي ألك وصحبك وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فياجماعة الإسلام .

حديثنا إليكم اليوم عن :

عناية الإسلام بالصحة :

و"الوقاية خيرمن العلاج"بل" دِرْهَمُ وِقَايَةِ خَيْرٍ مِنْ قِنْطَارِ عِلَاَجٍ "بل"الوقاية هي العلاج"

عباد الله :"إن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقلَّ من عنايته بالعلم؛ ذلك أن الإسلام يبني أحكامه على الواقع، والواقع أنه لا عِلم إلا بالصحة،ولا مال إلا بالصحة،ولا عمل إلا بالصحة،ولا جهاد إلا بالصحة، والصحة رأس مال الإنسان، وأساس خيره وهناءَته،فالصحة تاج علي رؤس الأصحاء لايعرفها إلا من ذاق مرارة المرض ..

وحفظ النفس مقصد من مقاصد الدين، بل هو من الضرورات الخمس التي أمر الإسلام بصيانتها،وقد قالوا:"صحة الأبدان مقدمة على صحة العبادات".لما رواه جابرقال:"خرجنا في سفر فأصاب رجلًا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه فقال:"هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا:"ما نجد لك رخصة وأنت تقدرعلى الماء فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بذلك فقال:"قتلوه قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال"(أبو داود).أي شفاء الجهل السؤال..

وقد أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بأن الصحة نعمة فقال:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ"(البخاري).وأوصي بها فقال صلي الله عليه وسلم:"اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ:"شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ،وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ،وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ،وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ،وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ"(الترغيب والترهيب).

منهج الإسلام في حفظ الصحة:"

عباد الله:"وقف الإسلام من صحة الأبدان موقفاً عظيماً  وأول ما نجد من ذلك أن الإسلام يُبيح للمسافر والمريض والشيخ الكبير وأصحاب الأعمال الشاقة والمرضع والحائض والنفساء الفطر  في رمضان حفاظاً علي الصحة..ويُبيح لمن خاف المرض، وتأخُّرَ الشفاء باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل - أن يتَيَمَّم، وهذا كله من قَبيل الحِمْيَة عما يُؤذي، ومن هذا القبيل تحريم الخمر والخنزير،والإسراف في الأكل والشرب،وما إلى ذلك من كل ما يَضرُّ ويؤذي. كالجماع في الحيض قال تعالي:"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَأَذًى فَاعْتَزِلُواالنِّسَاءَفِي الْمَحِيضِ وَلَاتَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ"(البقرة/ 222).

فدمَ الحيض أذًى ضارٌّ ولايجوز الجماع وقت الحيض حفاظاً علي الصحة..

  كما نهي الإسلام عن قضاء الحاجة من بولٍ أو براز في الماء الذي يستعمله الناس في وضوئهم واغتسالهم،وسائر شؤونهم، وفي طريقهم، وفي ظلِّهم الذي به يستظِلون،وموارد مياههم التي عليها يجلسون، ومن ذلك شواطئ الترع والقنوات والأنهار"اتَّقواالملاعنَ الثلاثَ:"البَرازُفي الموارِدِ،وقارِعَةِالطَّريقِ،والظِّلِّ "(أبوداود).

وجاء أيضًا في الإرشادات النبوية التحذير من ترْك أواني الطعام والشراب مكشوفة؛"أَطْفِئُوا المَصابِيحَ إذا رَقَدْتُمْ، وغَلِّقُوا الأبْوابَ، وأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وخَمِّرُوا الطَّعامَ والشَّرابَ"(البخاري).منعاً من سقوط الحشرات المُؤذية التي تُولِّد جراثيم المرض، وهذا كله من باب الوقاية والتحفُّظ من الأمراض وأسبابها.

كما أمَربالوضوء للصلوات الخمس والتسوك  حفظًا للفم والأنف والأسنان،:"لولا أن أشقَّ على أُمتي، لأمرتُهم بالسواك مع كل صلاة"، وكلنا يعرف شدَّة حِرص الأطباء وكثرة وصاياهم على تنظيف الأسنان التي تُولِّد قذارتها أنواعًا من الأمراض في كثير من الأجهزة.

الوقاية خير من العلاج :"

 عباد الله:"إننا في هذه الأيام نواجه وباء مايسمي بوباء كورونا وهو وباء قاتل يحصد الكثير من البشر ولم يميز بين  صغير وكبير وعظيم وحقير ورئيس ومرؤس بل يتبع مع الجميع سياسة واحدة فتعددت الأسباب والموت واحد وإذا أردنا أن نبين له سبب فأسبابه كثيرة منها البعد عن منهج الله ف:"مانزل بلاء إلا بذنب ومارفع إلا بتوبة " وظهور الفاحشة والإعلان بها :" ماظهرت الفاحشة في قوم حتي اعلنوا بها إلا وابتلاهم الله بالأمراض والوجاع التي لم تكن في سالفيهم "ومنها الابتلاء للتمحيص :" وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ"وهذا أيضا من الحكم أن الله يمحص بذلك المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم، يدل ذلك على أن الشهادة والقتال في سبيل الله يكفر الذنوب، ويزيل العيوب، وليمحص الله أيضا المؤمنين من غيرهم من المنافقين، فيتخلصون منهم، ويعرفون المؤمن من المنافق..".الخ هذه الأسباب ..

ولا مخرج لنا من هذا البلاء إلا بالرجوع إلي منهج الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم  للوقاية من هذا الوباء فدرهم وقاية خير من قنطار علاج وقد أصاب هذا الوباء المسلمين منذ القرن الأول الهجري في عهد عمر بن الخطاب وهو طاعون عمواس الذي حصد أكثر من ثلاثين ألف مسلم منهم كبار الصحابة أبو عبيدة بن الجراح أحد المبشرين بالجنة  ومعاذ بن جبل سيد علماء اهل الجنة ..  

وقد تعامل الصحابة مع هذا الوباء بما أمرهم به  النبي -صلى الله عليه وسلم-  بأن يأخذوا بأسباب الوقاية من الأوبئة والطواعين؛ فعن أسامة بن زيد: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا من"(متفق عليه)، فأما كون المسلم لا يدخل بلدًا وقع فيه الطاعون فسببه وقاية نفسه من أن يصيبه ذلك الوباء إذا دخل على المبتلين، وأما كونه لا يخرج من البلد التي وقع فيه الوباء ففيه وقاية للناس خارج ذلك البلد من أن ينتقل إليهم البلاء والوباء..

وأحوج ما نكون إلى إعمال هذه الحكمة الرائعة الصادقة:"الوقاية خير من العلاج"، إذا لم يكن علاج معروف أصلًا، بل تكون الوقاية هي العلاج الأوحد المعروف إلى الآن، وفي هذه الأزمة التي ينتشر فيها هذا الوباء الذي يحصد الأرواح ويحرق المهج والأكباد، لا تكون “الوقاية خير من العلاج” فقط؛ بل تكون"الوقاية هي العلاج نفسه" فهو شعار نرفعه في هذه الأزمة التي نحياها، شعار يقول: “الوقاية هي العلاج”.

الإسلام والحجر الصحي:"

عباد الله :" وفي هذا أصل لما يسمونه اليوم بـ:"الحجر الصحي"أو"العزل الصحي"،ولقد حدث أكبر وأشهر حجر صحي - في زمان الفاروق عمر؛ فعن عبد الله بن عباس: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد؛ أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال:"ارتفعوا عني، ثم قال:"ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء.

فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه. قال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديًا له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف -وكان متغيبًا في بعض حاجته- فقال: إن عندي في هذا علمًا، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه" قال: فحمد الله عمر ثم انصرف(متفق عليه).

فقد رجع الصحابة الأطهار وقفلوا دون أن يدخلوا بلاد الشام مطبقين الحجر الصحي، وآخذين بمبدأ"الوقاية خير من العلاج".عباد الله  أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ..

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياجماعة الإسلام 

لازلنا نواصل الحديث حول"الوقاية هي العلاج "و

َالأخُذُ بِأسْبَابِ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ..

 وأما مانراه اليوم من سوء فهم من البعض وعدم الأخذ بالاحتياطات والاحترازات اللازمة للوقاية من هذا الوباء فإذا قلت لأحدهم لاتصافح أحد ولاتقترب منه وعليك بلبس الكمامة حفاظاً علي صحتك وصحة الآخرين يقول لك:"سيبها علي الله كل شيء بيد الله" وتسمع منه كلاماً يشعرك بأنك قد خرجت عن ملة الإسلام ..

عباد الله :"علينا من يقول: وهل تلك الوقاية تمنع قضاء الله أن ينزل؟! وهل تلك الوقاية تحمي من كَتَبَ الله أن يصاب فلا يصاب؟! بل هي ضعف إيمان بقضاء الله وقدره، وخلل في التوكل عليه -سبحانه-؟

هكذا يهرف الجاهلون، ويتقاول المتواكلون!

وفي حقيقة الأمر هذا فهم خاطيء للدين والشرع الحنيف  وعلي ما يبدو ومع ازدياد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد هذا يوحي بأن كثيراً من الناس لا يعرفون ماذا تعني الوقاية خير من العلاج، فقط يسمعونها ولكن لا يفهمونها ولا يطبقونها،والصحيح يجب أن نقول الوقاية خير من الإصابة بالمرض ومن ثم البحث عن العلاج الذي يمر بمراحل منها تشخيص الحالة ثم إيجاد العلاج المناسب.

ونقول لهؤلاء:" لقد بوَّب الإمام مسلم في صحيحه بابًا بعنوان: “باب اجتناب المجذوم ونحوه”، وأورد تحته حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إنا قد بايعناك فارجع"(مسلم)، فها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أقوى الخلق إيمانًا وأعظمهم توكلًا على الله يأخذ بأسباب الوقاية ويقبل من المجذوم مبايعته مشافهة دون مصافحة.

عباد الله :"وما أحوج المسلمين اليوم إلى فهم المبدأ العُمَري الذي أقره في طاعون عمواس:"نفر من قدر الله إلى قدر الله"، إن أخذك بأسباب الوقاية هو من أقدار الله، وابتعادك عن العدوى هو من أقدار الله، ومكثك في بيتك هو من أقدار الله.. وفي القلب المؤمن تستقر عقيدة تقول:"قُل لَّن يُصِيبَنَاإِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَاوَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"(التوبة/51)،تستقرهذه العقيدةجنبًا إلى جنب إلى عقيدة:"اعقلها وتوكل"(الترمذي).

كذلك تستقر عقيدة:"لاعدوي"أي: لا عدوى مؤثرة بذاتها وطبعها وإنما التأثير بتقدير الله، تستقر بجانب عقيدة:"وفرمن المجذوم كماتفر من الأسد"(البخاري). فالمسلم يوقن أن الأمر كله بيد الله عز وجل- وحده، وموقن كذلك أن الأخذ بأسباب الوقاية من هدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والذي أُمرنا باتباعه.

اللهم قنا السوء بما شئت وكيف شئت إنك علي ماتشأ قدير .. اللهم اصرف عنا الوباء والبلاء والفحشاء والغلاء يارب العالمين ..

 عباد الله أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة ..

 

google-playkhamsatmostaqltradent