اسم الله الرحيم
كم مرة ورد في كتاب الله عزوجل؟
ما الفرق بينه وبين اسم الله الرحمن ؟
سعة رحمة الله بعباده
أين الرحمة بين المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد
فياجماعة الإسلام
فحديثتا إليكم اليوم عن اسم الله الرحيم وقد ورد في القرآن الكريم 115مائة
وخمسة عشرمرة واسم الله الرَّحِيمُ مُشْتَقٌ مِنَ الْفِعْلِ رَحِمٌ فَإِذَا قِيلَ رَاحِمٌ
فَهُوَ مُتَّصِفٌ بِالرَّحْمَةِ وَالْمُبَالَغَةِ رَحِّمِنَّ وَرحيمُ "
وما الفرق بينه وبين اسم الله الرحمن ؟
عباد الله:"
وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْاِسْمُ عَنِ اِسْمِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يَمُّكُنَّ تَسَمِّيَةَ غَيْرِ اللهِ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى فِي وَصْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفُ رحيمُ" (التَّوْبَةَ / 128).
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْن عَبَّاسُ: "هُمَا اِسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحَدَّهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخِرِ".
وَقَالَ اِبْنُ الْمُبَارَكِ: " الرَّحْمَنُ: "الَّذِي إِذَا سُئِلَ أَعْطَى وَالرَّحِيمُ الَّذِي إِذَا
لم يسأل غَضَبٌ..
الرَّحْمَنُ مَعْنَاهِ :" ذوالرحمةالشاملةالتي وَسَّعَتْ الخَلْقَ فِي مَعَايِشِهِمْ,
وَعَمَّتْ المُؤْمِنَ وَالكَافِرَ..
وَالرَّحِيمُ خَاصٌّ بِالمُؤَمِّنِينَ كَمَا فِي قَوْلِهِ:"وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا "
(الأَحْزَابُ / 43).
وقيل:" الرَّحْمَنُ فِي الدُّنْيَا وَالرَّحِيمُ فِي الآخِرَةِ لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الدُّعَاءِ عَنْ
الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ورحيمهما".
- وَالرَّاجِحُ: أَنَّ الرَّحْمَنَ صِفَةٌ لِلَذَّاتِ "ذَاتِ اللهِ" وَالرَّحِيمُ صِفَةٌ لِلفِعْلِ..
فَاللّةٌ فِي ذَاتِهِ بَلَغَتْ رَحْمَتُهُ الكَمَالَ, وَالرَّحِيمُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَرْحَمُ خَلْقَهُ
بِرَحْمَتِهِ..
- الرَّحْمَنُ بِمَا سَتَرَ فِي الدُّنْيَا وَالرَّحِيمُ بِمَا غَفَرَ فِي العقبي..
- الرَّحْمَنُ:" بِإِزَالَةِ الكروب وَالرَّحِيمُ بِإِنَارَةِ القُلُوبِ..
- الرَّحْمَنُ: "بِتَعْلِيمِ القُرْآنِ وَالرَّحِيمُ بِتَشْرِيفِ التَّسْلِيمِ..
- إِنَّ "الرَّحْمَنَ" وَصْفٌ يَشْمُلُ المُؤْمِنِينَ وَالكَافِرِينَ. بَيْنَمَا اِسْمُ الرَّحِيمِ
لِلمُؤَمِّنِينَ فَقَطْ وَلِذَا يَقُولُونَ: "رَحِمْنَ الدُّنْيَا رحيمُ الأخرة" رَحِمَ الكافروجعله
يَعِيشُ بِنِعْمَةٍ العَافِيَةِ وَالمَالِ وَالوِلَادِ وَرُبَّمَا يَكُونُ فِتْنَةً لِعَوَامِّ المُسْلِمِينَ..
وَاِسْمُ الرَّحِيمُ أَطُولُ أَمَدًا وَأُحْسِنُ مَالَاً مِنْ الرحمانية الَّتِي تَكُونُ آثَارَهَا فِي
الدُّنْيَا فَقَطْ مَعَ عُمُومِهَا..
سعة رحمة الله بعباده
عباد الله :"لوتحدثنا عَنْ سَعَةِ رَحْمَةِ اللهِ بِعُبَّادِهِ مَا كَفَانَا وَقْتٌ وَلَكِنَّ
نُقُولٌ:" اللهُ سُبْحَانَهُ: "كَتَبَ عَلَى نَفْسِهُ الرَّحْمَةُ"(الأنعام / 12).
وَاللهِ عَزَّ وَجَلَّ, سَبَّقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةُ
عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "لَمَّا قَضَى اللهَ الخَلْقُ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ
العَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتَي سَبَّقَتْ غَضَبِي" (البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
وَلَمْ يَجْعَلْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا جُزْءًا يَسِيرَا مِنْ وَاسِعِ رَحْمَتُهُ يَتَرَاحَمُ بِهِ النَّاسُ
وَيَتَعَاطَفُونَ وَبِهِ تَرْفَعُ الدَّابَّةَ حَافِرُهَا عَنْ وَلَدِهَا رَحْمَةُ وَخَشْيَةٍ أَنْ تُصِيبَهُ,
كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:"جَعَلَ الله
الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ
جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ
وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ "(البخاري).
رحمة الله بالخلائق جزء من مائة جزء من رحمته
عباد الله :" هَذِهِ الرَّحْمَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادَةٍ وَمَخْلُوقَاتِهِ كُلُّهُمْ
لَا تَزِيدُ عَنْ كَوْنِهَا جزءا واحدامن رَحْمَتَهُ, وَنَتَأَمَّلُ كَيْفَ وَسَّعَتْ رَحْمَتُهُ مِنْ
هَذَا الجُزْءِ عُبَّادَهُ فِي الدُّنْيَا فَمَاذَا عَنْ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ جُزْءًا فِي الآخِرَةِ؟.
فَبِهَذِهِ الرَّحْمَةِ يَعْفُو اللهُ وَبِهَا يَغْفِرُ وَبِهَا يَقْبَلُ شَفَاعَةَ الشَّافِعِينَ وَيَعْفُو عَنْ
العاصين.
فَمِنْ حَدِيثِ عُمَرِ بِنْ الخَطَّابُ.َنَّهُ قَالَ:" قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِسَبْيٍ ، فَإِذَا
امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا
وَأَرْضَعَتْهُ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟
قُلْنَا : لاَ وَاللَّهِ ، وَهِي تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَلَّهُ أَرْحَمُ
بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا"(البخاري).
عباد الله:" إِنَّ الإِنْسَانَ لِيَتَوَقَّفَ طَوِيلًا مَعَ هَذَا الحَدِيثِ الرقراق الَّذِي يُبِينُ فِيهُ رَسُولُ اللهِ مِثَالًا حسيًا لِهَذِهِ المَرْأَةِ فَقَدَتْ طِفْلَهَا فِي الحَرْبِ, فَكَانَتْ إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ وَقَدْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لِيُخَفِّفَ أَلَمَ اللَّبَنِ فِي ثَدْيِهَا, وَأَخَذْتُ تَبْحَثُ عَنْ طِفْلِهَا حَتَّى وَجَدَتْهُ فَأَخَذَتْهُ وَضَمَّتْهُ وَأَرْضَعَتْهُ, فَرَحْمَةُ اللهِ بِعُبَّادِهِ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ..
وَعَنْ أَنَسَ بْنِ مَالِكُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا, فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ, فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ "(البُخَارِيُّ).
عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين أما بعد فياعباد الله:"
أين الرحمة بين المسلمين؟
الأصل فِي المُسْلِمِينَ الرَّحْمَةُ فيمابينهم. قَالَ تَعَالِي:" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ
وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ "(الفَتْحُ).
لَكُنَّ المُسْلِمِينَ اليَوْمَ صَارُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَحْيَانِ أَشِدَّاءَ بَيْنَهِمْ...
تَجِدُ هَذَا فِي الطَّبِيبِ الَّذِي يُعَالِجُ مَرْضَاهُ نَسْي" رُحَمَاءَ بَيْنَهِمْ"
والمدرس الذي يعلم العلم نسي:"العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ" .
وَكَذَلِكَ المُحَامِي الَّذِي يُدَافِعُ عَنْ المَظْلُومِينَ نَسْي" وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ"(البَلَدُ / 17).
والتاجرالذي يَبِيعُ وَيَبْتَاعُ نَسْيَ"رِحْمِ اللهِ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعٌ سَمْحًا إِذَا
اِشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اِقْتَضَى "(البُخَارِيُّ).
والقريب الذي قطع رحمه نسي:"إن الرحمَ شجنةٌ من الرحمنِ تقولُ يا ربِّ إني قُطِعت يا ربِّ إني أُسِيءَ إليَّ يا ربِّ إني ظُلِمت يا ربِّ يا ربِّ فيجيبُها ألا ترضينَ أن أصِلَ مَن وصلك وأقطعَ مَن قطعَك"(مجمع الزوائد).
الناس كل الناس نسوا:"الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ.ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ"(الترمذي).
المسلمون جميعاً بِحَاجَةٍ لإعادة هَذَا المَفْهُومَ إِلَى الأَذْهَانِ إِنَّ اللهَ أَمَرَ
المُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا رُحَمَاءَ بَيْنَهِمْ وَفِي الحَدِيثِ:" مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يَرْحَمُ "
(البُخَارِيُّ).
المؤمنون جميعاً لاإيمان إلابالرحمة قَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ:
"لَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَرْحَمُوا. قَالُوا: يَا رَسُولُ اللهِ, كُلُّنَا رَحِيمٌ. قَالَ:" إِنَّهُ لَيْسَ
بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبُهِ وَلَكِنَّهَا رَحْمَةٌ العَامَّةُ "(الطبراني).
الناس كل الناس نسوا:"الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ.ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ"(الترمذي).
اللهم إنا نَسْأَلُكَ يَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَنْ تَرَحَّمْنَا:" رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ
هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ"(آلُ عُمْرَانٍ / 8).
اَللَّهُمَّ أَنَا نَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدَكِ تُهْدِي بِهَا قُلُوبِنَا وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِنَا وَتُلِمُّ بِهَا
شَعِّثْنَا وَتَبْلُغُنَا بِهَا رِضَاكِ فِي الدَّارَيْنِ ياذا آلِمْنَ وَالعَطَاءُ يَا أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ:" وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ"(المُؤَمِّنُونَ /118)..
ومن دعائه صلي الله عليه وسلم :" اَللَّهُمَّ إِنَّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاِغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَاِرْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتِ الغَفُورُ
الرَّحِيمُ" (مُتَّفِقَ عَلَيْهِ).
عباد الله :"أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم وأقم الصلاة