recent
أخبار عاجلة

ابني بيتك كيف تبني بيتك في الجنة ؟ بالإحسان إلي الخلق

 


ابني بيتك (4).

كيف تبني بيتك في الجنة ؟ بالإحسان إلي الخلق

 

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

فلازلنا نواصل الحديث حول حملة ابني بيتك في الجنة كيف تبني بيتك في الجنة بالإحسان إلي الخلق  فمن أحسن إلى الناس، فأعان ضعيفهم، وزار مريضهم، فإن الملائكة تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يعد له بيتاً ومنزلاً كريماً في الجنة، ودعاء الملائكة مقبول ومحقق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" مَن عادَ مريضًا ، أو زارَ أخًا لَهُ في اللَّهِ ناداهُ مُنادٍ : أن طِبتَ وطابَ مَمشاكَ وتبوَّأتَ مِنَ الجنَّةِ منزلًا"(الترمذي وأحمدوابن ماجه).

حرَص الإسلامُ على كلِّ ما يُعضِّدُ الصِّلةَ الطيِّبةِ بينَ النَّاسِ؛ فحَثَّ على التَّوادُدِ والتَّآخي والتَّراحُمِ، وجعَل الأجْرَ الجزيلَ لزِيارةِ المريضِ أو الأخِ في اللهِ.

وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن عاد"، أي: مَن زار، "مريضًا، أو زار أخًا له في اللهِ"، أي: ففعَل أيًّا مِن ذلك مُحتسِبًا لوجهِ اللهِ سبحانه وتعالى، ابتِغاءَ مَثوبةٍ مِنه لا لِدُنيا، "ناداه مُنادٍ"، أي: ملَكٌ مِن الملائكةِ: "أنْ طِبْتَ وطاب مَمْشاك"، أي: دعا له بذلك، ومَعْناها: أن طاب عيشُك في الدُّنيا والآخِرَةِ، وطاب مَشيُك إلى تلك الزِّيارةِ؛ فهو مشيٌ إلى الآخِرَةِ؛ لِما يَنالُه به من أجرٍ، "وتبَوَّأتَ مِن الجنَّةِ مَنزِلًا"، أي: اتَّخذتَ مَكانًا، وتَهيَّأ لك في الجنَّةِ مَنزِلٌ مِن مَنازِلِها العاليةِ، ودرَجاتِها الرَّفيعةِ.

وفي الحديثِ: الحثُّ على عِيادةِ المرضَى، وتَزاوُرِ الإخوةِ في اللهِ.

في الحديث أن الذي يزور أخاً في الله، أو يعوده إن كان مريضاً، من أجل أن يخفف عنه ما هو فيه، لا ليثقل عليه ولا ليضايقه، ولا ليمكث عنده، وإنما ذهب يزور المريض ويخفف عنه ويظهر له محبته وينصرف، يناديه مناد: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً.

والحديث وإن كان إسناده فيه شيء، ولكن جاء حديث في مسلم وفيه: "من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة أو مخرفة الجنة حتى يرجع"، الذي يعود مريضاً يكون في بستان من بساتين الجنة، وهو يزور هذا المريض.

وجاء في الحديث الآخر:"أنه يستغفر له سبعون ألف ملك" وهذا للذي يعود مريضاً يبتغي بذلك وجه الله سبحانه وتعالى.

وفي هذا قصة الرجل الذي ذهب إلى أخٍ له في الله، فأرصد الله على طريقه مَلَكًا يسأله عن أَبي هريرة  عن النبي صلي الله عليه وسلم :" أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ في قَريَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَد اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْن تُريدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لي في هذِهِ الْقَرْيةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ علَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لا، غَيْر أَنِّي أَحْبَبْتُهُ في اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَإِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكَ بأَنَّ اللَّه قَدْ أَحبَّكَ كَما أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"(مسلم).

وكذلك قصة أم أيمن لما زارها الصديقُ وعمرُ رضي الله عنهما، وأم أيمن كانت حاضنةَ النبي صلي الله عليه وسلم ، وكان يزورها صلي الله عليه وسلم ويحترمها، ويُكرمها، فزارها الصديقُ وعمرُ بعد ذلك تأسِّيًا بالنبي صلي الله عليه وسلم في زيارتها، فلمَّا زاراها بكت، فسألاها: لماذا بكيتِ؟! ألا تعلمين أنَّ ما عند الله خيرٌ لرسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قالت: بلى، ولكني أبكي لانقطاع الوحي، فهَيَّجَتْهُما على البكاء؛ لأنَّ الوحي كان ينزل بأخبار الناس والأمر والنَّهي، وبموت النبي صلي الله عليه وسلم انقطع الوحيُ، واستقرت الشريعةُ.

فهذا فيه زيارة الأحبَّة في الله من الرجال والنساء، وأنَّ المقصود من ذلك التذكير بالله، والاستفادة من علم أهل العلم، والتأسِّي بأعمال أهل الخير، هكذا يتزاور الناسُ: لطلب العلم، وطلب الخير، وطلب الفائدة من أهل العلم، ومحبة الإخوان في الله جلَّ وعلا.

كذلك حديث: مَن عاد مريضًا، أو زار أخًا له في الله، ناداه مُنادٍ من السماء: أن طِبْتَ وطاب ممشاك، وتبوأتَ من الجنة منزلًاً.

وعلى كل حالٍ، التَّحاب في الله والتَّزاور في الله من أفضل القُربات كما تقدَّم، فالمستحب للمؤمن أن يزور إخوته في الله، وأحبابه في الله، لا لطمعٍ في الدنيا، ولكن للتَّعاون على البرِّ والتَّقوى، وللتَّأسِّي بالخير، وللتذكير بالخير، وللتَّثبيت على الخير، هكذا يتزاور المؤمنون.

لذلك قال جلَّ وعلا لنبيه صلي الله عليه وسلم : "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ"(الكهف:28).  

يعني: احبس نفسك مع الأخيار، مع أهل التقوى والإيمان؛ لما في ذلك من الخير العظيم، والفائدة الكبيرة، والتَّأسي بهم في طاعة الله جلَّ وعلا، والحبّ في الله والبُغض في الله من أفضل الدَّرجات، ومن أعلى المنازل، وجاء في الحديث: يقول الله جلَّ وعلا: وجبتْ محبَّتي للمُتحابّين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمُتباذلين فيَّ، والمُتزاورين فيَّ "(رواه مالك رحمه الله بسندٍ جيدٍ عن النبي صلي الله عليه وسلم ، يقول عن الله غزوجل).

 وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .

google-playkhamsatmostaqltradent