تحري ليلة القدر وماذا يفعل المسلم فيها؟
الدرس السادس والعشرون
الحمد لله والصلاة
والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله حديثنا إليكم اليوم عن تحري ليلة القدر
وماذا يفعل المسلم فيها؟ فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه
كان يتحرى ليلة القدرالتي تقع فيها،والله سبحانه سماها ليلة القدر لعظيم قدرها وشرفها
وجلالة مكانتها عنده ولكثرة مغفرة الذنوب فيها،ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها. وقد
خص الله تعالى الليلة بخصائص كثيرة منها:
أولاً: نزول القرآن الكريم فيها،الذي به هداية البشر
وسعادتهم في الدنيا والآخرة والمعجزة الخالدة، قال تعالى:"إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ".
ثانياً: وصفها بأنها خير من ألف شهر أي أكثر من ثمانين
سنة قال تعالى: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ".
ثالثاً: وصفها بأنها مباركة أي كثيرة البركات والخيرات
كما قال تعالى:"إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ"(الدخان:
3).
رابعاً: أنها تنزل فيها الملائكة والروح أي يكثر
تنزل الملائكة في تلك الليلة لكثرة بركتها فينزلون إلى الأرض للخير والبركة والرحمة.
والروح هو جبريل عليه السلام بالذكر لشرفه ومكانته قال تعالى:"تَنَـزَّلُ الْمَلائِكَةُ
وَالرُّوحُ فِيهَا"(القدر: 4).
خامساً:وصفها بأنها سلام أي سالمة لا يستطيع الشيطان
أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل أذى، أو سلام للمؤمنين من كل خوف لكثرة من يعتق فيها من
النار ويسلم من عذابها، قال تعالى:"سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ"(القدر:5).
سادساً:كما قال
تعالى عنها:"فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ"(الدخان/4). يعني يفصل
من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله تعالى في تلك السنة من الأرزاق
والآجال والخير والشر وما يقدر به لعباد من أعمال وغير ذلك، وقوله تعالى:"كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ"أي أوامر الله المحكمة المتقنة التي ليس فيها ضلل ولا نقص ولا
سفه ولا باطل ذلك تقدير العزيز العليم.
سابعاً: أن الله
يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه كما أخبر به النبي صلى الله عليه
وسلم:"من قام ليلة القدرإيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".(متفق
عليه).وإيماناً أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه.واحتساباً:"أي طلباً للأجر
لا لقصد آخر من رياء ونحوه.
ثامناً: "أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة
تتلى بين الناس ويتعبد بتلاوتها إلى يوم القيامة.
تاسعاً:"
أنها كما اختصت بنزول القرآن فيها كذلك وافقت شهر نزوله وفرضية الصيام قال تعالى:"شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ"(البقرة: 185).
وعاشراً:"
أنه سبحانه وتعالي
أخفاها عن عباده والحكمة في إخفاءها رحمة بهم ليكثرالمسلم في طلبها في تلك الليالي
الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله تبارك وتعالى.
وليلة القدر في
العشر الأواخر من رمضان، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر
في العشر الأواخر من رمضان".(متفق عليه).
وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، كما أخبر به النبي
صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"(البخاري).
وهي في السبع الأواخر
أقرب، أي ليلة خمسة وعشرين وسبعة وعشرين، وتسعة وعشرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"التمسوها
في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي"(مسلم). ولقوله
صلى الله عليه وسلم: "أرى روياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ممن كان متحريها
فليتحرها في السبع الأواخر".(متفق عليه).
وأقرب أوتار السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين وهو ما
عليه جماهير العلماء لحديث أبي بن كعب قال: "والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة
التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين".(مسلم).
والسؤال ماذا يفعل
المسلم في ليلة القدر؟
إحياؤها بالتهجد
وكثرة الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً
غفر له ما تقدم من ذنبه"(البخاري).
كثرة الدعاء في
تلك الليلة، خاصة دعاء عائشة رضي الله عنها حينما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:"أرأيت
إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي:"اللهم إنك عفو تحب العفو
فاعفو عني"(الترمذي).
كثرة قراءة القرآن والذكر والاستغفار والصلاة علي
النبي صلي الله عليه وسلم..
فاجتهدوا يرحمكم
الله في طلبها فهذا أوان الطلب واحذروا من الغفلة ففي الغفلة العطب.
وصلى الله وسلم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.