recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا للشيخ عبدالناصربليح

 


حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا

صفات النفس في القرآن

أقسام محاسبة النفس

أهمية المحاسبة

كيفية محاسبة النفس

حال الصالحين في محاسبة أنفسهم

وقفة لابد منها مع النفس

تحميل الخطبة pdf

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعدفحديثنا إليكم اليوم عن محاسبة النفس

عباد الله لقد صنف القرآن الكريم النفس ووصفها بصفات عديدة منها

النفس المطمئنة: هي النفس التي اطمأنت إلى الرضا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبياً ورسولاً ، وهي التي اطمأنت إلى أمر الله ونهيه، هي النفس التي اطمأنت إلى وعد الله ووعيده، هي النفس التي اطمأنت واشتاقت إلى لقاء الله عز وجل.

وهي التي تذوق طعم الإيمان كما قَالَ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسولا"(مسلم). 

وقال تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً "(الفجر:22).

النفس اللوامة: هي التي تلوم صاحبها على الخير والشر، على الخير لماذا لم يكثر منه، وعلى الشر لماذا وقع فيه قال ميمون بن مهران :"لا يبلغ المؤمن درجة التقى إلا إذا حاسب نفسه محاسبة الشريك الشحيح"(أبنعيم في الحلية صحيح).

فهي نفس كريمة تلوم صاحبها على الخير والشر معاً، تلوم صاحبها على الخير لماذا لم تكثر منه؟ لماذا لم تداوم على فعل الخيرات؟ وتلوم صاحبها على الشر والمعاصي: لماذا فعلت الشر؟ لماذا ارتكبت المعصية؟ لماذا وقعت في الذنب؟ فهي نفس كريمة، أقسم الله عز وجل بها في قرآنه، قال سبحانه:"لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ"(القيامة:2).

النفس الأمارة: فهي النفس التي تدفع صاحبها دفعاً إلى المعصية، وتحاول تلك النفس الخبيثة أن تخرج صاحبها من طريق الهداية إلى طريق الغواية، والطاعة إلى المعصية، والخير إلى الشر.

قال تعالى:"وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ"﴿يوسف :53﴾

عباد الله :" والناس صنفان: صنف انتصر على نفسه وقهرها وغلبها، وفطمها عن المعصية، وألجمها بلجام التقوى، وجعلها مطية إلى كل خير وطاعة، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من هذا الصنف الكريم، قال تعالى: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا  فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا  وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"(الشمس:10).

صنف أفلح في تزكية نفسه، زكاها بالطاعة وبالبعد عن المعصية والشهوات والشبهات، زكاها عن كل ما يغضب الله عز وجل.

صنف قهرته نفسه، وغلبته وجعلته مطية إلى كل هوى وشهوة ومعصية وذنب: قال تعالى:"فَأَمَّامَنْ طَغَى  وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا  فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى"(النازعات:37-41).

أهمية المحاسبة للإنسان :

عبا الله :"لما أمر الله بمحاسبة النفس تقاه كان لسبب هام ألا وهو الفزيم الميعا كمافي قوله  تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"(الحشر:18 ). قال ابن كثير في تفسيره: أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادّخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم"

هداية الله لهم الفز بمعيته : قال تعالى:"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"(العنكبوت: 69)

وجزاؤها الجنة  قال تعالى:"وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"(آل عمران:133)..

اتقاء النارقال صلي الله عليه وسلم  : " مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ "

عبا الله :" ليس للإنسان بضاعة إلا العمر:

فلنقف مع أنفسنا  وقفة صدق ولنقل لها: يا نفس! ليس لي بضاعة إلا العمر، فإن ضاعت بضاعتي ضاع رأس مالي، توهمي يا نفس أنك قد متي وطلبتي من الله الرجعة، وها أنت قد عدتي إلى الدنيا فاعملي قبل أن تتمني الرجعة يوماً فلا يستجاب لك:"رَبِّ ارْجِعُونِ  لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ" فيكون الجواب:"كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"(المؤمنون:100).

تذكـر وقوفك يوم العرض عرياناً ** مستوحشا قلق الأحشاء حيـــرانا

والنار تلهب من غيظ ومن حنـق ** على العصاة ورب العرش غضبانا

اقرأ كتابك يا عبدي على مهل ** فهـل ترى فيه حرفاً غير ما كانا

لمـا قرأت ولم تنكر قراءته ** إقـــرار من عرف الأشياء عرفانا

نادى الجليل خذوه يا ملائكتى **وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا

المشركون غداً في النار مسكنهم ** والمؤمنون بــدار الخلد سكانا

عباد الله:" وقفة لابد منها مع النفس

  فمن حاسبَ نفسهُ في الدنيا خفَّ حسابه في الآخرة ، ومَن أهملَ المحاسبة دامتْ حسراته ، فلما علموا أنهم لا يُنجيهم إلا الطاعة ، وقد أمرَهم بالصبرِ والمرابطةِ فقالَ سبحانه : "يا أيُّها الَذينَ آمَنواْ اصبِروا وَصابِرواْ ورابِطوا" فرابطوا أنفسَهم أولاً بالمشارطةِ ثمّ بالمراقبة ، ثم بالمحاسبةِ ثم بالمعاقبة ، ثم بالمجاهدةِ ثم بالمعاتبة ، فكانتْ لهم في المرابطةِ سِتُّ مقاماتٍ أصلُها المحاسبة ، ولكنْ كلّ حسابٍ يكونُ بعدَ مشارطةٍ ومراقبة ، ويتبعهُ عندَ الخُسران المعاتبةُ والمعاقبة .

أخي الحبيب:اعلم أن أعدى عدوٍ لكَ نفسُكَ التي بين جنبيك، وقد خُلِقتْ أمارةً بالسوءِ ميالةً إلى الشرورِ، وقد أُمرتَ بتقويمها وتزكيتها وفطامها عن موارِدِها، وأن تقودَها بسلاسلِ القهْرِ إلى عبادةِ ربِها، فإن أنتَ أهملتها ضلّتْ وشَرِدتْ، وإن لزمتَها بالتوبيخِ رَجونا أن تصيرَ مُطمئنة، فلا تغفلنّ عن تذكيرِها.

أخي الحبيب: كم صلاةٍ أضعتَها؟ كم جُمُعَةٍ تهاونتَ بها؟ كم صدقةٍ بَخِلتَ بها؟ كم معروفٍ تكاسلتَ عنه؟ كم منكرٍ سكتَّ عليه؟ كم نظرةٍ محرمةٍ أصبتَها؟ كم كلمةٍ فاحشةٍ أطلقتها؟ كم أغضبتَ والديك ولم ترضِهِما؟ كم قسوتَ على ضعيفٍ ولم ترحمه؟ كم من الناسِ ظلمتَه؟ كم وكم ...؟

لم لا أنوح وأنــــــــــــدب ** وأنا المسيء المذنـــب

نفسي لشدة خبثهــــــــــــا ** غير الخطـا لا تخطــــب

في السر تعصي ربهــــــــا ** بين الورى تتــــــــأدب

تخشى الخـــــــــلائق ثم لا ** تخشى الإله وترقـــــب

يا ويلهـا يا ويلهــــــــــــــا ** مما يداهـا تكـســــــب

كم بحر لغو خضتــــــــــه ** كم في الفساد أقلّــــب

كم غائـب أغتابـــــــــــــه ** كم ذا أقول وأكــــذب

كم فتنـة ألقيتـهـــــــــــــا ** بين الذيـن تحبـبــــوا

كم في الخطا قدمي خطـا ** وعن الهدى تتنكــب

كم حيلة أحتـال فــــــــــي ** تحصيل أمر يغضــب

ملك اليمين أرحتــــــــــــه ** لم يلق خيرا يكتـــب

ملك اليسار بعكـســــــــــه ** ليـلا نهـارا يتعـــــب

عبا الله أقل ماتسمعن أستغفر الله العظيم لي لكم 

الحمد   لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول محاسبة الصالحين لأنفسهم

قال ميمون بن مهران: لا يكون الرجل تقياً حتى يكون أشد محاسبة لنفسه من الشريك لشريكه.

قال الحسن: المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة

عمر بن الخطاب: يقول:" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أهونُ عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" ،

قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: " مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي الْجَنَّةِ آكُلُ ثِمَارَهَا ، وَأَشْرَبُ مِنْ أَنْهَارِهَا ، وَأُعَانِقُ أَبْكَارَهَا ، ثُمَّ مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي النَّارِ آكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا ، وَأَشْرَبُ مِنْ صَدِيدِهَا ، وَأُعَالِجُ سَلاسِلَهَا وَأَغْلالَهَا ، فَقُلْتُ لِنَفْسِي : أَيْ نَفْسِي ،أَيُّ شَيْءٍ تُرِيدِينَ ؟ قَالَتْ : أُرِيدُ أَنْ أُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا ، فَأَعْمَلَ صَالِحًا ، قَالَ : قُلْتُ : فَأَنْتِ فِي الأُمْنِيَةِ ، فَاعْمَلِي " .

قال مالك بن دينار: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: رحم الله امرأ حاسب نفسه قبل أن يصير الحساب إلى غيره، رحم الله امرأً أخذ بعنان عمله فنظر ماذا يريد به، رحم الله امرأً نظر في مكياله، رحم الله امرأً نظر في ميزانه فما زال يقول حتى أبكاني.

حكى صاحب للأحنف ابن قيس: قال: كنت أصحبه فكان عامة صلاته بالليل الدعاء، وكان يجئ إلى المصباح فيضع أصبعه فيه حتى يحس بالنار ثم يقول لنفسه: يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا، ما حملك على ما صنعت يوم كذا.

عن علي بن عبد الحميد: قال سمعت السري السقطي يقول: من حاسب نفسه استحيا الله من حسابه

قال ميمون بن مهران: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، حتى يعلم من أين مطعمه و من أين ملبسه ومن أين مشربه، أمن حل ذلك أم من حرام.

يا نفس توبي فإن الموت قد حانا *** وأعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا

أما ترين المنايا كيف تلقطنا *** لقطاً وتلحق أخرانا بأولانا

في كل يوم لنا ميت نشيعه *** نرى بمصرعه آثار موتانا

يا نفس مالي وللأموال أتركها *** خلفي واخرج من دنياي عريانا

أبعد خمسين قد قضَّيْتها لعباً *** قد آن أن تقصري قد آن قد آنا

ما بالنا نتعامى عن مصائرنا *** ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا

نزداد حرصاً وهذا الدهر يزجرنا *** وكان زاجرنا بالحرص أغرانا

أين الملوك وأبناء الملوك *** من كانت تخر له الأذقان إذعانا

صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا *** مستبدلين من الأوطان أوطانا

خلوا مدائن كان العز مفرشها *** واستفرشوا حفراً غبراً وقيعانا

يا راكضاً في ميادين الهوى مرحاً *** ورافلاً في ثياب الغيِّ نشوانا

مضى الزمان وولى العمر في لعب *** يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها

اللهم حبب إلنا الإيمان وزينه فى قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان

وارزقنا توبة قبل الموت وشهادة عند الموت ومغفرة بعد الموت

عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة

google-playkhamsatmostaqltradent