
حقوق الجيران
الإحسان إلى الجار علامة الإيمان
الجار شاهد على جاره إذاكان محسناً أومسيء
تعليق دخول الجنة على الإحسان إلى الجار
استحقاق اللعنة لمن يؤذي جاره
الإسلام كاد أن يورث الجار جاره
تمسك السلف الصالح بالهدي النبوي في الإحسان إلي الجار
الحمد لله رب العالمين..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله القائل "لايزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"(البخاري).اللهم صلاة وسلاما عليك يا رسول الله وعلى آلك وصحبك وسلم تسليما كثيراً ..
أما بعد فيا جماعة الإسلام يقول الله تعالي :"وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى
وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ
مُخْتَالاً فَخُوراً" (النساء /36).
الإحسان إلى الجار علامة الإيمان
أخوة الإيمان والإسلام
إن ديننا الحنيف يفرض على أبنائه الإحسان إلى الجار قريباً كان أم بعيداً وسواء في ذلك من يدين لهذا الدين ومن لا يدين به كما درجه ونظمه في سلك واحد مع عبادة الله وبر الوالدين والأقارب .وحثَّنا نبينا صلى الله عليه وسلم على حُسن التأدب مع الجيران
فجعل الإحسان إلى الجار علامة الإيمان وكأن الذي يسيء إلى جاره لا ينطبق عليه لفظ الإيمان مطلقاً لذلك يقول صلي الله عليه وسلم " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله خاب وخسر من هذا ؟ قال من لا يأمن جاره بوائقه قالوا وما بوائقه قال شره"(متفق عليه).
وقال صلي الله عليه وسلم : اتق المحارم تكن أعبد الناس ، أرضى بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً وأحب لأخيك ما تحب لنفسك تكن مسلماً ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب "(أحمد والبيهقي والترمذي) .
والجار شاهد على جاره إذاكان محسناً أومسيء
عباد الله:"وبلغ من تعاليم الإسلام أنه جعل الجار شاهد على جاره ومقياساً له في الإحسان والإساءة جاء رجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال كيف لي أن أعرف إذا أحسنت أو أسأت : قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت "(أحمد).
وقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:"أيُّما مُسْلِمٍ شَهِدَ له أرْبَعَةٌ بخَيْرٍ أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ، قُلْنَا:
وثَلَاثَةٌ،
قالَ: وثَلَاثَةٌ، قُلتُ: واثْنَانِ، قالَ: واثْنَانِ، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ
الوَاحِدِ"(البخاري).
تعليق دخول الجنة على الإحسان إلى الجار
عباد الله :" وعلق الرسول صلي الله عليه وسلم دخول الجنة على الإحسان إلى الجار "
فعندما جاءه رجل يقول له يا رسول الله اكسني " أي أعطني ثوباً أستر به عورتي "
فأعرض الرسول صلي الله عليه وسلم عنه فقال يا رسول الله اكسني فقال صلي الله
عليه وسلم أما لك جار له فضل ثوبين قال غير واحد " أي ليس له جار واحد بل كثير
" قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
"فلا يجمع الله بينك وبينه في الجنة "(الطبراني).
وروي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم :" كم من جار يتعلق بجاره ويقول يا رب
سل هذا
؟ لما أغلق بابه ومنعني فضله"(الترغيب والترهيب).
و جاء رجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :" إن فلانة تكثر من صلاتها
وصيامها وصدقاتها .. غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال : هي في النار قال : يا
رسول الله فإن فلانة تذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط
قطع الجبن " ولا تؤذي جيرانها قال صلي الله عليه وسلم :"هي في الجنة "(أحمد).
استحقاق اللعنة لمن يؤذي جاره
عباد الله :" والذي يؤذي جاره يستحق اللعنة من الخالق ومن المخلوقين روى الطبراني بسنده عن رسول الله صلي الله عليه وسلم:" أنه جاءه رجل يشكوا جاره فقال اطرح متاعك على طريق الناس فطرحه فجعل الناس يمرون عليه فيلعنونه " أي يدعون باللعنة على الذي أذاه وحمله على ترك داره " فجاء جاره إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لعنت من الناس قال وما لقيت منهم ؟ قال يلعنوني قال " قد لعنك الله قبل الناس " فقال إني لأعود فجاء إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال " ارفع متاعك فقد كفيت " أي كفاك الله شر جارك"( الطبراني).
شدة حرمة الزنا بحليلة الجار
عباد الله :" وشدد الإسلام علي حرمة الزنا بحليلة الجارفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : أن تجعل لله نداً ، وهو خلقك . قلت : إن ذلك لعظيم . قلت : ثم أي ؟ قال : وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟ قال : أن تُزاني حليلة جارك . قال : ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم"وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ"
ومما يدلّ على تعظيم حق الجار قوله عليه
الصلاة والسلام لأصحابه يوماً : ما تقولون في الزنا ؟ قالوا : حرمه الله ورسوله ، فهو
حرام إلى يوم القيامة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : لأن يزني الرجل
بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره . فقال : ما تقولون في السرقة ؟ قالوا
: حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من
أن يسرق من جاره . رواه الإمام أحمد .
وما ذلك إلا لأن الجار أدرى بمدخل جاره ومخرجه،وألصق به ، بل ربما اطلع على عوراته،وهو مأمور مع ذلك أن يُحسن إليه،ويتعاهده لا أنه يتلمّس عثراته .
والإسلام كاد أن يورث الجار جاره
عباد الله:" من كثرة وصية جبريل للرسول صلي الله عليه وسلم ظن أنه سوف ينزل بالوحي لكي يرث الجار من جاره .يقول "لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "(متفق عليه).
فهل يوجد دين آخر وضع مثل هذه الحقوق للجار مثلما وضعها الإسلام الحنيف ؟
إن الإنسانية - كلها – اليوم لهى في أشد الحاجة إلى آداب الإسلام ، كما يحتاج الظامئ المشرف على الموت في الصحراء إلى شربة ماء . فهلا تعلمنا هذه الآداب وعرفنا هذه الحقوق ومارسناها في حياتنا ؟!
عباد الله أقول ماسمعتم واستغفر الله
العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على أشرف الخلق أجمعين ..أما بعد فيا جماعة الإسلام :
اهتم التشريع الإسلامي بأمر الجار اهتماما
كبيراً ، وقد جاءت الآيات القرآنية الكريمة
بالإحسان في معاملة الجار ، وجاءت السنة المطهرة توضح وتبين عظم حق الجار وحسن معاملته فقد ذبحت لعبد الله بن عمرو بن العاص شاة،فجعل يقول لغلامه :"أهديتم لجارنا اليهودي ؟ أهديت لجارنا اليهودي؟فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "(صحيح).
تمسك السلف الصالح بالهدي النبوي في الإحسان إلي الجار
لذلك السلف الصالح تمسكوا بالهدي النبوي
وسلكوا مسلك الجيران والأتقياء فيروى أن محمد بن جندب عرض داره للبيع فأتاه من يشتري
وعرض عليه البيع ب 250 ألف درهما فقال : هذا ثمن الدار فبكم تشتري جوار سعيد بن زيد
فقالوا له : وهل يباع الجوار ؟ قال حقاً : كيف يباع جوار من إذا سألته أعطاك وإذا سكت
عنه أجابك وإذا أسأت إليه عفا عنك فعلم سعيد بن زيد فأرسل إلى محمد بن جندب ثمن الدار
وقال له أمسك عليك دارك ".
فالجار الصالح يكون سببا في سعادة جاره
ولذا قيل :
اطلب لنفسك جيرانا تجاورهم * * لا تصلح
الدار حتى يصلح الجارُ
ولقد باع أبو جهم العدوى داره بمائة ألف
درهم ثم قال للمشترى : بكم تشترون جوار سعيد بن العاص قالوا : وهل يشترى جوار قط ،
قال : إذاً ردوا علىّ دارى وخذوا مالكم فإني والله لا أدع جوار رجل إن قعدت سأل عنى
، وإن رآني رحب بى ، وإن غبت حفظني ، وإن شهدت قربني ، وإن سألته قضى حاجتي ، وإن لم
أسأل بدأني ، وإن نابتنى حاجة فرج عنى . فبلع ذلك سعيداً فبعث إليه بمائة ألف درهم.
وجارالسوء مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتّعوذ بالله منه قال صلي
الله عليه وسلم:" تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن جار البادي يتحول
عنك"(النسائي).
ولقد باع أحدهم منزله فلما لاموه في ذلك قال :
يلومننى أن بعتُ بالرخص منزلي**ولم يعرفواجاراًهناك ينغــصُ
فقلت لهم كفواالملام فإنمــــــــــا**بجيرانهاتغلوا
الدياروترخصُ فالإحسان إلى الجار شعور أصيل وعميق في وجدان المسلم الصادق،وكما قال
النبي صلى الله عليه وسلم"خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه،وخير الجيران عند
الله خيرهم لجاره"(الترمذي).
اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
وقنا عذاب النار
عباد الله أقول قولي هذا وأقم الصلاة.